البيئة هي ذلك المحيط الواسع الذي يحتوينا ونعيش فيه وسوف تعيش فيه أجيال قادمة إذا فهمنا كيف نتفاعل معها، فعبر التاريخ يتضح تأثير الإنسان وتصرفاته على عناصر البيئة ومن هنا يأتي التساؤل كيف يتصرف الإنسان مع البيئة وكيف ينعكس ذلك السلوك تدميراً بل ويمتد التساؤل إلى كيفية تصرفه في بعض الأحيان في أشياء لا يحتكر ملكيتها بل هي مشاع للجميع .. تمتلكها أجيال مضت .. وتتملكها أجيال حاضرة وهي حق لأجيال المستقبل يجب الحفاظ عليها.
ولذلك كان لزاما معرفة كيفية السلوك الصحيح مع البيئة من خلال فهم المجتمع بجميع شرائحه ووعيهم للأمانة والتعامل السوي مع البيئة .
ولقد خلق الله الإنسان واستخلفه في الأرض لقوله تعالى : (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك . قال إني أعلم مالا تعلمون) ... (سورة البقرة الآية 30) .
هذا وقد مكن الله الإنسان في الأرض وأمره بعدم الإسراف والاتزان في جميع الأمور لقوله تعالى (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتاً فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين) سورة الأعراف الآية 74 .
ويسلك بعض الناس عادة سلوكا هداما للبيئة .. ويتضح ذلك جليا من خلال الأنشطة التي تؤدي إلى عدم توازن بيئي ومثال على ذلك الاسراف في استخدام الموارد الطبيعية، والتأثير في التركيبة البيئية بشكل عام .
كل هذا يحدث بمرأى من الجميع، فالجميع مشارك في ذلك والكل متهم .. جاهل ومتعلم .. فقير وغني، وذلك عن طريق عدم المبالاة بهذا التغير السريع في التوازن البيئي الخطير على صحة الإنسان، مما يحتم النظر في عملية الوعي البيئي لأفراد المجتمع لما لذلك من أثر كبير يعود نفعه على الجميع .
إن الاخوة القائمين على اتخاذ القرارات للتنمية والتطوير والتخطيط غالبا لا يحالفهم التوفيق في كثير من خططهم التي ينقصها عدم الإلمام وربما عدم الوعي بالبيئة ومعطياتها مما يؤثر سلبا .. فعلى سبيل المثال توجد سياسات بيئية وبرامج وقوانين للحفاظ على البيئة ولكن عند اتخاذ القرار يجب ان لا تطغى الأمور الاقتصادية على الناحية البيئية بشكل كبير، حيث ان المحصلة النهائية لهذا القرار تعكس المستوى النهائي للوعي بالثقافة البيئية للفرد والمجتمع .
ولذلك نجد أن معظم الدول والهيئات الدولية المختلفة تهتم بموضوع البيئة وبموضوع أهمية الوعي البيئي للافراد في المجتمع لانجاح سياسات التنمية المستديمة التي تحافظ على بيئة الإنسان الحالي وإنسان المستقبل .
وبما أن الله عز وجل استخلفنا في الأرض فنحن أهل لحماية البيئة ومن هنا يجب أن نهتم بالفرد في مجتمعنا من مراحل طفولته إلى أن يصل الى مرحلة اتخاذ القرار حيث ان الاهتمام بوعي الفرد في المجتمع بجميع مراحله العمرية هو أحد الطرق والآليات الفعالة للوصول إلى تنمية مستديمة تهدف إلى توازن في النمو والحفاظ على البيئة للجيل الحالي وأجيال المستقبل .. وعلى ذلك فإن الوعي البيئي يجب أن يكثف ويطرح بشكل تربوي ومثمر في جميع مراحل التعليم .. بل وحتى المرحلة التي تسبق ذلك .
د. فائز بن سعد الشهري
جامعة الملك فيصل ـ كلية العمارة والتخطيط
خطيط المدن الحضري والإقليمي
