DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C
eid moubarak
eid moubarak
eid moubarak

د. خالد بن سعود الحليبي

د. خالد بن سعود الحليبي

د. خالد بن سعود الحليبي
أخبار متعلقة
 
استخدمت جهاز حاسب آلي شخصي لأحد الشباب، فلفت نظري انه يضع على سطح المكتب صورته وقد كتب حولها عبارة (إذا لم تزد شيئا على الحياة فأنت زائد). لقد استوقفتني هذه العبارة كثيرا جدا، لما تحويه من معنى سام كريم، ولكونها موجهة من الفرد لنفسه، وشعرت باكبار شديد لهذا الشاب الطموح في ميدان الابداع الحاسوبي، ليس لهذا الاختصاص بالذات، ولكن لانه احترم وجوده في هذه الحياة، فأنف ان يعيش صفرا لا قيمة له.. هنا التفت إليه وقلت: انك - حين اخترت هذا الشعار لنفسك - فانك قد اخترت وجهتك في هذه الحياة، ان تكون غير عادية، وصنعت لنفسك حافزا قويا، هو بمثابة السوط القوي الذي يلهب صهوة همتك العالية كلما فتحت الجهاز.. سوف تشعر بكثير من الزهو والفرح الشديد كلما حققت إنجازا، كما انك سوف تشعر بكثير من الألم الايجابي كلما اخفقت في تحقيق جزء من طموحك الكبير، بينما لو توارت هذه الرسالة العقلية، وخفتت هذه البرمجة العصبية، أو اعتدت وجودها على وجنتي حاسوبك، فانك قد تضعف في يوم من الأيام عن بلوغ مأملك.. ابتسم ببراعة.. وواصل المهمة التي كانت في يده.. والتقيت بشاب آخر، كان موهوبا بذاكرة قوية، صبورا على طلب العلم، رائعا في أدبه وحيائه، لاحظت منه رغبة في جلوسي معه، رحبت به، وما ان جلس إلا وانطلق في حديثه عن تجربة مريرة في الدراسات العليا، فبعد ان كان لا يعرف غير درجة الامتياز المرتفعة جدا، لم يمنح من معلميه حتى الدرجة التي تؤهله لاستكمال حلمه الكبير لنيل درجة الماجستير ثم الدكتوراة، ولأنه كان أحد طلبتي الذين أفخر بان تهيأت لي فرصة المشاركة في اعدادهم العلمي في الجامعة، فاني اعلم - يقينا بعد توفيق الله - انه مؤهل للتفوق في الدراسات العليا. ولذلك كانت الصدمة عليه أقوى من ان توصف.. وأشرس آثارها انه (زهد) - كما عبر - في مواصلة الدراسات العليا، بسبب عدم تقدير جهده الكبير، الذي وصل الى درجة حفظ المقررات حفظا تاما، وهضمها بشكل منقطع النظير، ثم الاجابة النموذجية، التي يرى ان الاستاذ الذي لا يعطيه عليها الدرجة الكاملة قد ظلمه. هذه الحادثة ذات عدة محاور، فأولها التسلط الدكتاتوري الذي يمارسه بعض اساتذة الجامعات، الذي يصل الى تهديد الدفعة كلها أو بعضها أو احد افرادها بعدم النجاح، ثم تنفيذ هذا الوعد الظالم. والسؤال المشروع هو: هل مثل هذا الاستاذ مرب أم سجان؟ هل جاء ليمنح العلم والشهادة على تحصيله، أم ليبذر بذور اليأس، ويبرز عضلاته على ضعاف طلابه؟ لم أرد هنا ان اعالج هذه القضية، ولذلك فلأترك الاجابة عنها للمعني بها، ولكني أعود الى مثل هذا الشاب لاقول له: ان الخاسر في هذه الجولة هم: الأمة التي تنتظر أبناءها النجباء، والوطن الذي زرع ليحصد، والاسرة التي تطلعت لنجاح ابنها فأخفقت قبل ان يخفق، والشاب نفسه.. والعلاج هو: ان يوقن هذا الشاب وأمثاله ان الفشل هو العتبة التي ينبغي ان يدوسها الطموح ليرتقي في سلم النجاح. وان القدرة على تجاوز الفشل هي في حد ذاتها نجاح، و(الزهد) في ارتقاء المعالي أمر من الفشل نفسه. إنني اؤكد ان الاقتراب من الشباب بات من الأوليات التي ينبغي ان ينهض بها التربويون، فان اية فرصة يكون فيها لقاء مع الشباب في المدارس والمعاهد والجامعات، سيجد المحاضر ان الشباب سيكونون كثيري الاسئلة، متشوقين للمزيد من فرص عرض مشكلاتهم على من يكبرهم سنا، ويسبقهم خبرة، بكل صراحة وليس غير الصراحة يمكن ان تعالج بها قضايانا، وليس هناك فئة تحتاج إلى اهتمام مبالغ فيه مثل فئة الشباب، ولن يعذر أحد - مهما بلغت ظروفه - من ان يمنح هذا الجيل المتطلع ما يستحق من رعاية. والله معكم يا شباب الأمة ويا عدة الوطن.