DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

"بهية بوسبيت" إصلاحية من الأحساء

"بهية بوسبيت" إصلاحية من الأحساء

"بهية بوسبيت" إصلاحية من الأحساء
أخبار متعلقة
 
من يقرأ كتابات السيدة بهية بوسبيت يجد نبرة الاصلاح واضحة جدا, ولقد وجدتها في درة من الاحساء كذلك. ودرة من الاحساء هو أول عمل ينشر للكاتبة ونقد النسق واستجاباته اتناوله في نقطتين هما: أ ـ تحدي المرأة الاحسائية لبعض العادات غير الشرعية. ب ـ استعراض ملامح الاستجابة الاجتماعية والمجتمعية. تحدي المرأة الاحسائية عندما تقرأ (درة من الاحساء) نلاحظ ان البطلة امل ثائرة على بعض العادات والتقاليد السائدة في مجتمعها لكن ثورة البطلة ثورة معتدلة حيث ان البطلة جعلت من الاسلام وتعاليمه خطاما لهذه الثورة لتكبح جماحها عن ارتياد الفوضى والجري في مضمار الهوى اننا نراها تستدل بالايات والاحاديث وشيء من المنطق والمعقولية فمثلا عندما جلست العائلة امام التليفزيون تشاهد برنامج (منكم واليكم) وقرأ الشيخ رسالة تلك الفتاة التي بلغت الخامسة والثلاثين من عمرها ولم يزوجها ابوها بحجة ان الذين يتقدمون لخطبتها ليسوا أكفاء علقت الأم: الاهل ادرى بمصلحة البنت منها وليس هناك أم او أب لا يفكران ويبحثان عن مصلحة ابنتهما.. ردت أمل ـ بانفعال شديد - وهذا الوصف من الراوي ليس مني - مما يدلل على وجود الثورة التي تكلمت عنها ردت قائلة: هذه العقدة كل شيء يقولونه ويفعلونه باسم المصلحة, والضحية في النهاية البنت. ثم تقول (بعدما ندت عنها آهة حرى اخرجت معها كتلة من النار التي كانت تحرقها وكأنها بذالك تطرد مرجلا كان يغلي في صدرها من التأثر لبنات جنسها): الله اعلم كم واحدة مثلها واكبر منها تعيش في حرمان وظلم وعذاب.. عمرها يذبل كما تذبل الوردة دون ان يشوبها أحد. بعد ذلك ترى اخت امل (سميرة) توافق اختها وتؤكد على صحة قولها فتقول في مرارة كشفت عن مدى القهر والضيم الذي تعانيه الفتاة: واذا تكلمت او طالبت بحقها الشرعي - ونرى ونلاحظ هنا ان الثورة والاحتجاج شرعيان - الذي حلله الله لها اصبحت في نظرهم ما تستحي وعينها قوية. ولاشك في ان مثل هذا الكلام يعد ثورة (مشروعة) في وجه المجتمع وذهنيته المعقدة. - وفي المدرسة يحدث هذا الحوار بين المعلمات تقول احداهن: انها تعودت واسرتها على ان يخرجوا كل خميس وجمعة الى احد المتنزهات او الاماكن الاثرية ويظلوا طيلة اليوم.. فسألتها احداهن: أين تذهبون؟ وهل توجد في الاحساء اماكن للسياحة وللتنزه غير متنزه الشيباني الذي مللنا الذهاب اليه فما كان من الاولى الا ان احرجتها لا تعرف منطقة الاحساء جيدا قلما شعرت بالخجل قالت لامل متداركة الموقف, هؤلاء معذورون يا ليلى, للكثيرين ظروف خاصة لا يعلم بها الا الله.. ولا اظن ان احدا لا يعرف منطقة الاحساء ولكن هناك من يعرفها جيدا ويسمع عن المناطق الاثرية والمتنزهات التي توجد بها ولكنه لا يعرفها عن قرب بسبب ظروف قاهرة وهذا ليس ذنبا نحاسبه عليه. ولعل المبالغة في حبس المرأة في البيت لأسباب غير شرعية كان هاجسا يؤرق فكر (أمل): والشيء الذي أود ذكره واركز عليه هو ان هذه الذهنية المنغلقة ليست مهيمنة على المجتمع بأكمله بدليل ان حوارا حدث بين المعلمات كانت من بينهن فتاة تعرف المنتزهات الاحسائية وذهبت اليها أكثر من مرة واليكم هذا الحوار: هنا اعتدلت ليلى في جلستها ثم قالت: وهناك أيضا جبل القارة لا أظن أحداكن لم تسمع به؟.. سمعنا به ولكن لم نزره إلا مرة واحدة منذ عدة سنوات.. قالت ذلك احدى المعلمات بينما قالت أمل: اذكر اني زرته وأنا صغيرة. بسطور قليلة تقول (أمل): انا الآن مثلهم اريد ان اسافر خارج الاحساء.. وانا لم ار جميع ما يوجد فيها ولم اشاهدها كلها كل ما اعرفه بالسمع فقط. وقولها او (كل ما اعرفه بالسمع فقط) يستر خلفه آهات وتحرقات, وان كانت قالت هذه الكلمة في معرض نقد نفسها من انها توصى وتحث على زيارة مناطق المملكة دون غيرها من مناطق الخارج الا ان هذه الكلمة تصف حال الكثيرات اللاتي لا يعرفن شيئا عن الحياة الا بالسمع فقط لأسباب تافهة منطلقها العيب الذي ما انزل الله به من سلطان. وبعد ان تزوجت امل كانت تريد ان تفاتح زوجها (نبيل) في السفر الى خارج الاحساء لكنها كانت تقدم رجلا وتؤخر اخرى خوفا من رفضه وعدم طاعته ومعلوم ان طاعة الزوج واجبة تقول امل لنفسها: آه ولكن الاسلام اوجب على الزوجة طاعة زوجها؟! ولكن في حدود, وهل يعتبر السفر معصية تستوجب مني عدم الطاعة؟ ونرى البطلة امل تصرخ في وجه النسق الذكوري بهذه الكلمات المحرقة اغلب الرجال لديهم انانية وتفكيرهم منصب على انفسهم فقط لانهم يظنون ان من حقهم وحدهم التمتع بالجمال اما المرأة فعليها ان ترضى بالرجل على علاته.. والحقيقة التي ينساها كل رجل او يجهلها ان المرأة مثله تماما لها مشاعرها واحاسيسها واحلامها وامانيها الخاصة بها وهي تحلم بالزوج الجميل او المقبول شكلا.. اخيرا احب ان اركز على ان هاجس الحرية كان موجودا في (درة من الاحساء) ولكنها الحرية المشروعة الحرية لا الفوضى كما اسلفت. اليكم هذا المشهد: تنهد نبيل في اسى وحنان ثم قال: بهذه الدرجة انت رقيقة ورحيمة يا أمل قالت: بصوت مخنوق انت لا تعرف معنى الظلمة ومعنى ان يذل الضعيف ويحرم من حريته التي هي ملكه وحده دون سواه. ثم تقول عن الحرية في عبارة تذكرنا بأقوال الفلاسفة المحرومين الذين لذعتهم مرارة الحياة وتناقضاتها حينما يموت اي مخلوق وهو ينعم بالحرية ويشعر بالسعادة خير له الف مرة من ان يموت وهو سجين ذليل مقيد مثله مثل اسير الحرب الذي يموت في زنزانته معذبا ذليلا وشتان بينه وبين المحارب الذي يموت في ساحة الحرب وهو يشم هواء الحرية ويموت ميتة الأبطال. هكذا صورت ونفذت الكاتبة القديرة بهية بوسبيت وضع المرأة الفتاة في الاحساء عبر روايتها (درة من الاحساء) اما عن النقطة الثانية في هذه الورقة فهي عن استجابة النسق الاجتماعي لهذا التحدي الانثوي هذا لن اطيل فيه فقط سأكتفى بذكر بعض المظاهر التي شاهدتها عبر قراءتي للرواية المذكورة: فمن هذه المظاهر تعليم المرأة الاحسائية وانخراطها في صفوف المثقفين وهذا لاحظناه من خلال قراءة الصحف والمجلات ومناقشة الامور بنظرة واعية مثقفة كما حصل في المدرسة بين المعلمات وما دار من نقاش في المنزل كذلك لاحظنا ان النسق الاجتماعي بدأ يتقبل بعض الامور التي وجد عليها اباءه واجداده. مثل رؤية المخطوبة, شهر العسل, مناقشة الزوجة للزوج واعترافه برجاحة عقلها, ذهابها معه الى السوق لاختيار اثاث المنزل, والتطور الذي حصل للفتاة الاحسائية اقر به الا عندما قال لزوجته: الله حتى انت يا ام سعد صرت تعرفين تتكلمين مثل بنات اليوم قال ذلك مازحا ولكنها ردت عليه في غضب متعمد انت تفكر اني كبرت لاني انجبت وانا صغيرة.. ضحك من جديد وهو يقول: ما قلت لك انت تطورت ختاما يقول نوينبي: ان تاريخ الامم ما هو إلا صراع الانسان مع بيئته. @ صلاح بن عبدالله بن هندي