في الصحف والفضائيات والاذاعات اخبار واخبار، متناقضة حينا ومتضاربة حينا آخر.. تبعث على اليأس حينا، وعلى الامل حينا آخر.. توحي بالقلق حينا وبالاطمئنان حينا آخر.. وبين هذه الاخبار وتلك يظل المواطن العربي في حيرة من امره، من يصدق ومن يكذب؟ هل كل وسائل الاعلام قد تآمرت عليه، لتدفعه الى هذه الحيرة والاضطراب في التعامل مع هذه الاخبار؟ ام ان وسائل الاعلام نفسها ضحية التبعية للاعلام الغربي الذي لايسرب من الاخبار الا مايخدم اهدافه؟ ام ان حجم المأساة اكبر من ان تتضح معالمها في الوقت الراهن، على امل ان يكشف القادم من الايام ماعجزت عن كشفه الايام الراهنة؟ ام ان اسبابا اخرى تحجب الرؤية، (وتفلتر) الاخبار ليصل منها مايراد وصوله، ويحجب منها مايراد حجبه؟
عدد محدود جدا من الفضائيات استطاع خلال هذه الاحداث الجسام ان يقترب قليلا من هم المواطن العربي ويكسب شيئا من ثقته بينما غرق معظم الفضائيات بل واجهزة الاعلام الاخرى في قضايا هامشية وكأن احداث الاحتلال الانجلو امريكي للعراق تجري في كوكب آخر، بينما يكتوي وسيكتوي اكثر بتداعياتها وما تتركه من سلبيات ليس على الشعب العربي في العراق فقط، بل الشعب العربي في كل الاقطار العربية.
وليت هذه القضايا الهامشية دون اثر سلبي لكنها مع الاسف لا تكتفي بتكريس الانهزام والتخاذل ولا تكتفي بتسطيح الامور الهامة في حياة الناس، بل تتعدى ذلك الى رسم صورة جميلة وبراقة لمستقبل هو اشد سوادا من الليل، ينتظر الامة ان لم تفء الى خالقها، وتأخذ بأسباب النصر.
ليس للتشاؤم مكان في نفوس تتوق الى الامل لكنه الامل المدعوم بالعمل والمقرون بالجدية والمرتكز على منطلقات الواقع ومعطياته. واذا كان التشاؤم مرفوضا فان المبالغة في التفاؤل مرفوضة ايضا، مالم يتوفر لهذا التفاؤل من الاسباب مايحيله الى واقع تجنى ثمراته مع الزمن لتزول الغمة عن عالم يعتقد فيه الكبار انهم الاقوياء ولكن الله اقوى من كل قوي.
انها اخبار واخبار، تقول وتقول، والعلم عند الراسخين في العلم.
