يبدو ان النقد الموجه للأندية الأدبية أصبح موضوع من لا موضوع له, بل ان كتابا معروفين وآخرين غير معروفين اذا كتبوا موضوعا أدبيا لا يرتاح لهم بال الا اذا عرجوا على الأندية الأدبية وكالوا لها من الذم والتفريض ما اصبح ممجوجا من القراء لكثرة ترديده وتكراره بمناسبة وغير مناسبة. واخشى ما أخشاه ان هؤلاء الكتاب لن يترددوا عن اقحام الاندية الأدبية في كتاباتهم, حتى وان كتبوا عن تعطل السير في شوارع الدمام حين نزول المطر, او عن شح المياه في الأحساء, او عن كثرة الشحاذين حول المسجد الحرام, او عن اي موضوع آخر وكأن همومنا قد اختفت كلها ولم يعد امامنا غير الكتابة عن أي تقصير لأي ناد أدبي ليتم تعميمه على كل الاندية الأدبية, فتوصم بالقصير, وأحادية التفكير, وعدم تشجيع الناشئين, والانعزال عن المثقفين, الى آخر القائمة من الاتهامات التي (لا اساس لها من الصحة) كما يقول معظم المسؤولين في ردودهم على ما ينشر في الصحف, وهي بالنسبة للأندية الادبية فعلا (لا اساس لها من الصحة) لأنها لا تتعلق بناد محدود, بل تأخذ صيغة التعميم وهذا أسوأ ما في الأمر.
الغريب ان بعض من ينتقد الأندية الأدبية هو آخر من يفكر في الحضور الى النادي الأدبي القريب منه, وقد تكون سكناه (على مرمى حجر) من مقر النادي, ومع ذلك لا يفكر في زيارته, وطرح افكاره, ومناقشتها مع المسؤولين في النادي, ولا اعرف هل هذا عدم قناعة بأفكاره تلك التي يرددها على صفحات الجرائد, ام لعلمه بضعف حجته, ام لافتقاده الشجاعة الأدبية التي تفرض عليه ان يقول للمحسن أحسنت كما يقول للمسىء اسأت, وجها لوجه, وليس من وراء ظهره.
وما دام الهدف من النقد هو الاصلاح - كما تفرض حسن النية - فان ابواب الاندية الأدبية مشرعة للجميع, ولا يملك كائنا من كان ان يمنع مثقفا او غير مثقف من دخول أي ناد أدبي, فالذين ينتقدون الاندية هم أبعد الناس عن المشاركة في نشاطاتها, او حتى مجرد الحضور لابداء الرأي, واسداء النصيحة, وازالة الالتباس العالق في اذهانهم. أليس هدفهم هو الاصلاح؟ فلما يحجمون عن التعامل مع انديتهم الأدبية, لتكون كتاباتكم بعد ذلك عادلة ومنصفة ومستمدة من الواقع الذي عايشوه ولمسوا ايجابياته وسلبياته.
لهؤلاء نقول بكل الحب: اوقدوا الشموع بدلا من ان تلعنوا الظلام, فهذا اجدى لكم وللأندية الأدبية وللقراء ايضا.
وهو ظلام وهمي على كل حال.
