مسألة الفراغ في نظري هي اكبر مشكلاتنا بل والباعث الحقيقي لابرز العيوب في مجتمعنا، الناس هنا لا يحترمون التنظيم وجدولة حركة البني آدم في عمله وداخل اسرته وفي الحياة العامة.. والناس هنا لا يعطون للوقت اية قيمة انتاجية تذكر سواء على المستوى الفردي وحتى المؤسسي ولله الحمد الفوضوية تكاد تكون السمة الغالبة على يومياتنا وعلاقاتنا وكل اشكال الاعمال التي نمارسها بطبيعة الحال قد نحتاج الى علماء جينات وراثية يدرسون لنا مصادر الخلل هذه في سلوكياتنا ولماذا تنتهي بنا كل هذه الاشكال من اللامعقول للشعور بالفراغ وبحثنا الدائم فقط في تزجيته او قتله ان صح التعبير.. اقول هذا الكلام وانا متأكد من ان البعض منا لربما حاول ان يجدول برامجه اليومية وارتباطاته العملية والتزاماته الاسرية وهلم جرا ووجه بسخرية وربما تهجم شخصي على عقليته المدجنة وقد يصل الامر للانتقاص منه امام الآخرين واتهامه بالنظامية ـ لاحظوا ـ والدقة وكأنها شيء سلبي للاسف النتيجة الطبيعية لهذه الاساليب الضاغطة اجتماعيا هي تنازل البني آدم عن قناعاته ونظاميته على الاقل لتحاشي ان يكون هدفا لانتقادات الآخرين والاستخفاف بشخصيته.. النظام والدقة والتخطيط تتحول ياسبحان الله عندنا لاعراض مرضية لابد من علاجها بكل اشكال العيب الاجتماعي الظاهرة والمخفية.. كثيرا ما تتملكني الغرابة فعلا من قدرة بعض الاعراف الاجتماعية لدينا على الصمود في وجه مسائل كاحترام الوقت والتنظيم بل والانتصار على كل الايجابيات في هذه المسائل وكأنها قوانين راسخة يصعب على الملتزمين بها البقاء على قناعاتهم.. الشكوى من الفراغ ومن الملل وحالات الضجر من روتينية انشطتنا صدقوني انها بسبب الفوضى التي تطوقنا كافراد ومؤسسات بل وغياب عقوبات ضبط السلوك الآدمي والميوعة في مواجهة كافة السلوكيات اللامسئولة في المجتمع.. الاكيد ان المسألة ابسط مما نتخيل لو قامت الاسرة بتربية ابنائها على النظام واحترامه والاعلام فيما لو رسم صورة منفرة عن الفوضويين والخارجين على احترام الوقت والنظام.. الله وحده يعلم كم من الوقت نحتاج لكي يصبح الفراغ ردينا للتخلف وقلة الوعي.