(كوني جميلة واصمتي) إن الظروف التي تتكرر فيها هذه العبارة متشابهة وهي كلها تقترب من الموقف الذي قيلت فيه للمرة الأولى وان كنت لا أعرفه إلا أن المعنى واحد. ترى من ترضي هذه العبارة؟ الجميلة أم من طلب منها الصمت، وهل طلب منها الصمت خوفا من جمعها بين جمال الشكل وجمال المنطق أم لأنها جميلة ولكن غبية أو تافهة تقف حدود تفكيرها عند خطوط جسدها. كلا الأمرين جائز ونتيجتهما واحدة وهو الصمت ولكن عندما نبحث عن نماذج نرى الأول مع متحدثة جيدة تملك ناصية الحوار ومقارعة الحجة بالحجة بعقل متزن يزيدها جمالا فيتجاوز سحرها حدود النظر ليصل الى عقول مستمعيها حتى يصبح أثر ذلك الجمال المزدوج مصدر خوف وازعاج للبعض وهذا النوع لا يهادن ولا تعجبه جوائز الترضية.
أما النموذج الآخر فنشاهده مع مذيعة حسناء وعارضة أزياء ممشوقة القوام لاشك أنكم شاهدتموها متحدثة وشاهدتموها صامتة وذلك في احدى الاعلانات التي تحدثت فيها عن مسابقة بالملايين أثناء كأس العالم. وبعد أن اكتشف المعلنون أن تلك الحسناء تكون جميلة أكثر عندما تصمت فكلامها فضح غباءها وتصنعها السمج فأسكتوها ليستفيدوا من جمالها فقط. فهي تقف وتشير بيدها والآخر يتحدث عنها. هذان نموذجان فأيهما أكثر شيوعا؟ وأيهما أقرب إلى القلب أو العين أو الغريزة وأيهما قدرة على التواصل مع الثلاثة بلا وجع رأس وفلسفة بغيضة.
(كوني جميلة واصمتي) وعندما تصمتين لا يعني أن تتحولي إلى تمثال جامد بل تمثال ناطق ولكن بلغة أخرى..
فمن المقلوب هنا هل هي الموازين أم البشر برؤيتهم؟ وبماذا يمكن أن نصفها أعني الرؤية. ناقصة، مقلوبة، هشة، مناقضة أيا كان الوصف تبقى النتيجة لتشكل حربا خفية بين المرأة والمرأة والرجل والرجل وبين المرأة والرجل وبينهما يبقى الدين حكما والثقافة حاجزا والمجتمع مراقبا والا لاختلط الحابل بالنابل ولا يشقى إلا ذوو العقول.
