DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

مطالب الأبناء والبنات.. صراع مزمن داخل الأسرة

مطالب الأبناء والبنات.. صراع مزمن داخل الأسرة

مطالب الأبناء والبنات.. صراع مزمن داخل الأسرة
مطالب الأبناء والبنات.. صراع مزمن داخل الأسرة
أخبار متعلقة
 
نتمنى الشيء، فنغمض أعيننا ونفتحها لنجده أمامنا! هذا ما نرغب فيه جميعاً. ولكن الأهل قد لا يوافقون على رغباتنا ودائماً ما يحدث الصدام بينهم وبين الأبناء. كل شاب وشابة يحملان بداخلهما مخزوناً هائلاً من المشاعر والرغبات،يحلمان بالإفراج عنها، والتعبير عن تفاصيلها. ومن هنا جاءتنا فكرة هذا التحقيق الذي بدأناه بطرح سؤال محدد على الشباب: هل رغباتك.. أوامر؟ وكانت إجابتهم المثيرة. تدافعت الكلمات منها بسرعة غريبة، وكأنها تنتظر أن يسألها أحد هذا السؤال بفارغ الصبر لتجيب عنه. قالت " مشاعل"- 19 عاماً-: طبعاً رغباتي ليست أوامر فأنا فتاة، والفتاة لابد أن يتم رفض معظم رغباتها، وإلا انحرفت وفسدت ، وللأسف هذا هو خلاصة رأي أمي، الذي يتحتم علي سماعه ليلاً ونهاراً.أما أخي، فكل رغباته أو أمر، حتى قبل أن يصرح بها، فله ان يخرج متى شاء، ويتكلم في التليفون في أي وقت، ويستقبل أصحابه متى أحب، بل ويسافر معهم أيضاً.. أما أنا فلابد من ترتيب خطة لكي تنفذ إحدى رغباتي، وأن أضع لها (سيناريو) محكماً يمكن تحويله لواقع، وذلك يتطلب مني البحث عن أنصار لي من داخل البيت، مثل جدتي وأحياناً شقيقتي الكبرى لمناصرتي أمام أمي، حتى تسمح لي بتنفيذ ما أرغبه، كالذهاب لإحدى الصديقات مثلاً. تنهد، ثم أعلن عن غضبه قائلاً: رغباتي ليست أوامر بالطبع، فأنا دائماً أحصل على أقل مما أريد. كان هذا ما أعلنه " س.ع" 18 عاماً- وأضاف: رغم أننا لا نعاني أي ضائقة مالية، إلا أن سيارتي ليست حديثة مثل سيارات أصدقائي، وعندما أطلب تغييرها بأخرى، يعطيني أبي محاضرة عن أهمية الاعتماد على النفس، وكيف أنه كان رجلاً عصامياً، كون نفسه من لاشيء، ولم يعطه والده أي شيء، بل حتى لم يساعده في إتمام تعليمه، وكان عليه أن يكافح ليعمل وينفق على أسرته وعلى نفسه أيضاً. فكان يذهب للعمل طوال النهار، ويقضي الليل في المذاكرة،وواصل كفاحه حتى أصبح من أهم رجال الأعمال هنا. ودائماً أقطع أنا محاضرتها الطويلة قائلاً: لقد كنت سعيداً بذلك وفخوراً به، وأنا لا ذنب لي إلا أنني ولدت في أوضاع أفضل، ولا أريد أن أبدأ السلم من أوله وكل شيء ميسر لي.. إلا أن الحوار بيني وبينه ينتهي عادة بمشاجرة. أما " ريان" صاحب العشرين عاماً فقد بدأ حاسماً وواضحاً وهو يدلي برأيه، فقال: بعض رغباتي أوامر والأخرى لا، والأولى هي ما تتعلق بدراستي أو بممارستي الرياضة في النادي، والحقيقة أن سرعة تلبيتها بمجرد المطالبة بها، لا يرجع لكوني شاباً مدللاً، ولكن لأن رغباتي- حينئذ- تتفق مع رغبات أبي وأمي، ولذلك فمن مصلحتهما أن ينفذاها. أما رغباتي الشخصية، سواء مادية أو اجتماعية، مثل الاشتراك في ناد معين أو السفر مع الأصدقاء، وكذلك زيادة المصروف الشهري، فكل ذلك يخضع لمناقشات طويلة، ومفاوضات ينتصر فيها الأطول نفساً، والأعظم صبراً. وغالباً يهزمني الضيق والملل، فأنصرف عن رغباتي يائساً.. وهذا يشعرني بالإحباط والحرمان، وأقسم بالله أنني لن أعرض أبنائي في المستقبل لذلك أبداً، فإذا لم يحقق الآباء رغبات الأبناء فما فائدة وجودهم في الدنيا؟! ابتسامة هادئة، وثقة بالنفس، وكلمات مرتبة، هي أبرز ملامح لـ " لينا الهودار"- 20 عاماً- والتي تقول: أنا لا أطلب الكثير، فمثلاً لا أحب أن أطلب شيئاً، وأنا أعرف أنه لن يتحقق. وأعتبر ذلك نوعاً من الذكاء، والحرص على الكرامة. لذلك فأهلي يعاملونني جيداً،ويقولون أنني فتاة مثالية لا تسعى للمشاكل، بعكس شقيقتي، وهي توأمي التي تبذل الكثير من الجهد، لإقناع أبي أو أمي بتلبية رغبات تعلم أن من المستحيل الموافقة عليها، مثل الذهاب مع الصديقات بمفردها لشاليه أو الذهاب لحفلة متأخرة عند إحداهن. " علي"- 19 عاماً- يقول: أطلب أضعاف ما أريده، وبعد المناقشات والمساومات الطويلة، أصل إلى ما كنت أرغب في تحقيقه. يضحك علي قائلاً: بل وأحياناً يكون أكثر، مع إعطائهم الإحساس بأنني مظلوم، وأتقبل الحرمان بنفس راضية وأن عليهم أن يعوضوني على ذلك مستقبلاً، ولا أفعل ذلك في طلباتي المادية فقط، ولكن في كل شيء.. مثلاً إذا أردت المبيت مع صديق لي يومين، أطالب بأكثر، وهكذا لا أشعر أنني كذاب أو مخادع بل مفاوض جيد، يحصل على حقوقه بلا مشاجرات أو متاعب! افهموا ظروف الأهل! * كان لابد من العثور على رأي طرف محايد، يوضح لنا مقاييس العدل في تلبية رغبات الأبناء، فتوجهنا للدكتورة " محاسن عبد العزيز"- أخصائية الأمراض العصبية والنفسية فقالت لنا: قد يرفض الأهل مبدأ تحقيق جميع الرغبات حرصاً على الأبناء وخوفاً عليهم، فإذا كانت كل الطلبات مجابة، سيأتي يوم بلاشك، ويكون هناك طلب يفوق إمكانات الأسرة، وسيصدم الابن الذي لم يتعود على فكرة أن ترفض له رغبة. أيضاً فلكي نعيش سعداء وأقوياء في الحياة، فلابد أن نعي جيداً أن رغباتنا ليست أوامر، وأن بعضها قد يجاب الآن، والآخر مستقبلاً، والثالث لن يجاب أبداً، وعلينا أن نتقبل ذلك حتى لا نعاني بدون فائدة. وأطالب الأبناء بمحاولة جادة لتفهم ظروف أسرهم، وإمكاناتهم المادية ولابد من معرفة كيفية الحصول على المال، وهل يتم ذلك بمشقة أم بيسر، وعندما يعرف الشاب إمكانات أهله، ويحبهم في الوقت نفسه فلن تكون متطلباته كبيرة، وسيتم تحقيقها بدون مزايدات أو مساومات. ويجب أن يتعلم كل شاب الاعتماد على النفس، وعمل ميزانية لنفقاته،وأن يعلم أن المال ليس لتحقيق رغباته فقط، وإنما لابد أن يتوافر للطوارئ والمستقبل أيضاً، وإلا يحاول تقليد زملائه فكل شيء في الدنيا نسبي، وقابل للزيادة أو النقصان، ولابد من التعود على سماع كلمة (لا)، بدون أن نصاب بانهيار أو فزع، فالحقيقة أن الحياة لن تلبي جميع رغباتنا، ولابد من تقبل هذه الفكرة. أما إذا كان الشاب يشعر بالحرمان حقيقة فلابد أن يجلس مع أهله ويناقشهم بهدوء. فن " التوقيت" و" العرض" وحول اتهام الأهل بالبخل تقول د. "محاسن": هناك مقاييس لذلك، مثلاً إذا كانت إمكانات الأهل تسمح بشراء سيارة للابن، وتركوه يعاني في المواصلات العامة رغم أنه وصل للسن القانوني، التي يسمح له خلالها بقيادة سيارة، وفي الوقت نفسه هم لا يخافون عليه من حوادث الطريق، فإذا توافرت هذه الظروف فهنا نتهم الأسرة بالبخل فعلاً، خاصة إذا سرى ذلك على بقية الأمور مثل الملبس والترفيه، وأن تصبح القاعدة هي عدم الانفاق.وتجيب د. "محاسن" عن سؤال مهم وهو: كيف نحقق معظم رغباتنا فتقول: يمكن ذلك باتباع الطريقة المنطقية، وتتلخص في أن تكون طلباتنا معقولة، ونطلبها في أوقات مناسبة، يكون فيها الأب مرتاحا، وغير عصبي وأن يتم التفاهم حول الطلب بدون انفعال وبعيداً عن الصراخ، فقد تكون هناك قابلية للاستجابة، ولكن الابن يضيعها بالأسلوب الاستفزازي البعيد عن الأدب. أما إذا رفض الأهل الطلب، فلابد من الصبر، وعرضه في وقت آخر،ولابد من الحوار المستمر، مع عدم اللجوء إلى المساومة. وحول شكوى البنات من عدم تحقيق رغباتهن لكونهن فتيات، تقول د. "محاسن": على الفتاة أن تتعلم المحافظة على نفسها، وأن تطلب أشياء معقولة،والتي لا تضرها اجتماعياً، حرصاً على سمعتها، وأن تراجع نفسها وتفرح بحقوقها. فالبنت الذكية لا تطلب ما يسيء إليها، مثل السفر للخارج وحدها، أو السهر لساعة متأخرة من الليل خارج البيت، وتبرهن على أنها ناضجة وتعي ظروف مجتمعها. وتنصح د. " محاسن" كل شاب وفتاة قائلة: لا يجب أن ننظر إلى الأهل على أنهم مصدر الأموال، بل نعطيهم الحب والعطف، فقريباً سيصبح الأبناء آباء، وسينتظرون ذلك من أبنائهم.