إن استلهام التراث وتوظيفه أمر مشروع بل مندوب في الآداب العالمية جلها، وليس مقصورا على الأدب العربي، كما انه ليس جديدا على الأدب العالمي، حيث وجد في الأدب العربي القديم بل امتد الى الادب اليوناني ليصل الى القرن الرابع قبل الميلاد.
اخذ توظيف التراث صورا كثيرة ابرزها الصراعات بين الاجيال ما بين مرتبط بالتراث ونابذ له مما ابرز فريقي القديم والحديث عبر العصور.
غير ان الاستلهام والتوظيف في العصر الحديث اخذ مسلكا آخر حيث ان دعاة التجديد هم الذين اخذوا على عواتقهم استلهام التراث وتوظيفه بأشكال عصرية كلون من ألوان التجديد.
والمبدعون في الغالب يستهلمون تراثهم لانه يمثل تجاربهم، الا ان هناك بعض الآثار التي تجاوزت حدود المكان والزمان فتسربت الى آداب الامم الاخرى بشكل قوي وخير مثال على ذلك من آثار الادب العربي (الف ليلة وليلة)
لقد لعبت هذه الاسورة دورا عظيما في الآداب العربية وتجاوزتها الى الآداب الغربية فترجمت الى معظم لغات العالم وانطلقت منها آثار فنية خالدة في مختلف الفنون ولم تقتصر على الشعر او القصة.
ان لهذه الاسطورة اثرا عميقا في الآداب العربية والغربية ويمكنا ان نلمح ذلك من خلال الاعمال الابداعية التي استلهمتها والمبدعين والعالميين الذين وظفوها فقد وظفها كثير من الرسامين في لوحاتهم واقتبس منها موسيقيون موضوعاتهم واستقى منها مسرحيون حكايتهم، واستلهم منها شعراء صورهم ورموزهم، كما اعيدت كتابتها بصورة جديدة.
ولكن هذه الاسطورة - خصوصا في الغرب - حملت مالا تحتمل، واخذت - عند السواد الأعظم - كوثيقة تاريخية واجتماعية وتناولوها على انها قصة حقيقية ورسمت الشخصية العربية استنادا الى ذلك فنقلت الشخصية العربية بنمط شخصية الف ليلة وليلة، وهذا ليس عند العامة فحسب بل نجده عند الكتاب ايضا.ان تحميل الفن اكثر مما يحتمل امر في غاية الخطورة، فالعمل الإبداعي، كما يقول صاحبا نظرية الأدب ليس وثيقة او تاريخا او حالة اعتراف او قصة حقيقية او تاريخا لحياة او عصر فالفن لايحتمل ذلك وان احتمل اكثر منه بكثير.
