الاعلام العربي يمتاز بأنه يكاد يكون الاعلام الوحيد في هذا العالم، الذي يراقب كل ما يذاع، ويحرص كل الحرص على عدم التوسع في طرح الرأي الآخر، ويبذل كل الجهد في تنسيق برامج محطاته الاذاعية، وقنواته الفضائية، بحيث يرغم المستمع او المشاهد على الاستماع الى نشرته الاخبارية الخاصة به، وهو - بهذا الفعل - يحيل اجهزته الاعلامية الى الاستيداع، لأن هذه الاعمال ان كانت مقبولة في الماضي، فهي لم تعد مقبولة اليوم، لأن الناس تفتحت عقولهم، والذي يتصور امكان استمرار ذلك واهم، لأن المشاهد او المستمع - اليوم - قادر على ان يدير مفتاح اجهزة الاستقبال في اي مكان من الأرض الى اي مكان آخر، دون عناء او مشقة، ليستمع الى مختلف الآراء والاخبار التي ربما يتمنى الاعلام العربي حجبها عنه، ومن المعلوم ان ثورة المعلومات ووسائل الاتصال اسقطت الحواجز بين الدول والمجتمعات، وانه لم يعد من الممكن ان ينعزل مجتمع ما عما يجري في انحاء العالم، وذلك لأننا اتفقنا على أننا اصبحنا نعيش في قرية صغيرة تسمى الكرة الأرضية، والناس قد ملت من رسمية نشرة الاخبار التليفزيونية العربية ورتابتها، وتريد ان تطلع على كل شيء جديد يحدث في هذا العالم، والعفريت الصغير المسمى (الدش الصغير)، الذي يتجاوز قطره قدما واحدا، باستطاعته ان يستقبل البرامج التليفزيونية التي تبث من موسكو واطلنطا وباريس وطوكيو ونيودلهي وكوبا بلمسة زر، فالمتلقي العربي يدير (الريموت) باحثا بين هذه الفضائيات عما يعجبه، مهملا بعض الفضائيات العربية التي تفرض عليه ما تريد، وهذا يجعلنا نقول لبعض المحطات الفضائية العربية: (صح النوم) وعليها ان تفهم حقيقة العصر التي لا مناص عنها، وهي فتح الأبواب على مصراعيها، وفتح النوافذ (الى آخرها) ليتلقى المتلقي العربي كل الآراء والافكار المفيدة، التي تنفعه في حياته، بدلا من أن يلجأ الى محطات غريبة، تدس له السم في العسل، وايضا من اهم واجبات الاعلام العربي ان ينقل لنا حقيقة احوال ومشاكل عالمنا العربي بكل تفصيل، وان يتيح للجميع معرفة طبيعة المشاكل التي تواجه بلدانهم مهما كانت، وان يطرح على الناس بدائل وحلولا لهذه المشاكل، لانه ان لم ينقلها لقومه ستنقلها وسائل الاعلام الاخرى، ثم انه ليست وظيفة الاعلام في العالم التعتيم والتشويش واخفاء الحقائق، او تزوير الوقائع.. بل ان الوظيفة الكبرى للاعلام هي توفير المعرفة ونقل الواقع للناس كما هو، ومهمته - ايضا - ان يحدد المشاكل والحلول، وليست مهمته القيام بوصاية على عقل المواطن، واقناعه بتبني منطق وفكر أعد له مسبقا.. ولتعلم الفضائيات - وأظن انها تعلم - ان المستقبل لإعلام يسهل على الناس مهمة اتخاذ القرار.
