مفهوم النقد في أذهان معظمنا منحصر في ان يسيل كاتب ما قلمه, ويلبس حماسة عنترة ثم يكتب عن حفرة في الطريق, او عن عمود كهرباء منطفىء المصباح, او على الأكثر عن موظف كبير في احدى الوزارات لم يتفضل سعادته بالرد على أسئلة مواطن منة تقصير وزارته.
هذا المفهوم القاصر هو كل ما يحمله النقد من المعنى عندنا.. والذي غرس هذا المفهوم القاصر في الأذهان هو الأسلوب الصحفي في تناول بعض المظاهر.
النقد ليس هذا مطلقا:
النقد هو تناول الأوضاع الاجتماعية بالتحليل وكشف ما تنطوي عليه من تزييف الوعي وغلق الأبواب امام التفكير, انه محاولة الكاتب او أي مثقف, في أي موقع كان: المدرسة والجامعة والبيت والجريدة, محاولة غرس (الحس النقدي) في وعي من لم يملكه بعد.
يعرف الحس النقدي بأنه:
(الاستعداد النفسي الذي يأبى على الانسان التسليم بأي أمر الا بعد التساؤل عن واقعه وقيمته).
النقد هو اذن وليد ثقافة التساؤل, ونحن حين ننظر في تاريخنا كله, لا نرى مظهرا واحدا لهذه الثقافة الا في لحظات قصيرة ومتقطعة من تاريخنا الطويل, اما السياق العام فلا نرى فيه الا القمع لأي تساؤل والبطش بكل من يجرؤ عليه.
الحس النقدي في نظرة واقعية هو ادق مقياس لمستوى المجتمعات في ارتفاعها وانخفاضها: فكلما اصبح التساؤل عاما كل شيء وشاملا من كل فرد كان النهوض سريعا وشاملا, والعكس بالعكس.
كثير هم النقاد في صحفنا بالمفهوم الشائع ولكن حين نستخدم المفهوم الثاني.. كم عدد النقاد الذين نراهم.
أجب أنت!
