لقد كانت الأرقام والإحصائيات والخدمات مذهلة وتؤكد للجميع أن الكل كان يعمل على مدار الساعة من أجل راحة حجاج بيت الله. وقد سخرت القيادة الرشيدة من قبل خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين - حفظهما الله - كل الإمكانات من أجل توفير كافة الخدمات والسبل والراحة والأمان للحجاج.
وكان الإعلام مواكبا للحدث بكل تفاصيله، فقد وصلت المشاهدات إلى 17 مليار من خلال مائة دولة، وتلك من أفضل الطرق والوسائل لنقل الصورة الحقيقية والمشرفة للحج والإسلام بوجه عام. وهذا العمل المتقن المتضافر للحج يذكرنا بما جاء في الأثر «إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه».
وهنا بعضا من الأرقام والإحصاءات التي تؤكد ذلك، فقد كان عدد الحجاج لهذه السنة (1439هجري) 2.37 مليون حاج، وعدد الذين كانوا يقدمون لهم الحماية والخدمات بكل فخر واعتزاز من مختلف القطاعات أكثر 250 ألفا من القوى العاملة من أجل راحتهم. فضلا عن الخدمات الأخرى المختلفة مثل: المستشفيات والتي بلغ عددها 25 مستشفى، و155 مركزا للرعاية الأولية، و180 سيارة إسعاف. وأما من ناحية النقليات، فقطار المشاعر نقل 360 ألف حاج. واستعملت 180 ألف حافلة. يضاف إلى ذلك 542 طلعة جوية من أجل الاطمئنان على خط سير الحجاج، وتقديم الإسعافات والتأكد من سلامتهم. وغيرها من الجهود الجبارة التي يقوم بها كافة القطاعات والهيئات والمؤسسات. والأرقام جدا كثيرة ومذهلة ولا يسعها هذا المقال.
وكما قيل في المثل الصيني، ان صورة تغني عن ألف كلمة، فقد رأينا عبر مواقع التواصل الاجتماعي المجهود الخرافي الذي يقوم به رجال الأمن والقوات المساندة من مختلف القطاعات على راحة وسلامة وأمن الحجاج. وهناك الكثير من المشاهد التي نرى فيها مدى تفانيهم في عملهم والإحسان مع الحرص على الابتسامة، إضافة إلى مواقف الشهامة والمروءة مع كل حاج دون التفرقة بينهم في المعاملة فالكل سواء، وتلك رسالة الحج العظيمة والخالدة.
وحتى على مستوى الإعلام الغربي، فقد كان منبهرا بهذا التنظيم والتنسيق في مساحة ضيقة نسبيا حيث العدد المهول والكبير من الحجاج على اختلاف مشاربهم ولغاتهم وثقافتهم. بالإضافة إلى استخدام أفضل وأحدث أنواع التقنية وتلك شهادة لمسها كل من هو منصف وموضوعي.
ومع كل تلك النجاحات يوجد خطط مستقبلية للارتقاء للأفضل والأجمل، فالتطوير والتحديث هو الصفة الدائمة والمنشودة. وفي اليابان يطلق على هذه الحالة كلمة (الكايزن) ومعناها التحسين والتطوير المستمر وبذلك ترتقي الأمم. وهناك خطط وفق رؤية 2030 لتقديم خدمات أفضل ومشاريع أخرى لخدمة خمسة ملايين حاج مستقبلا.
لقد قدمت المملكة أبهى صورة في الحج للعمل الجماعي المتناسق كالجسد الواحد من أجل راحة ضيوف الرحمن، وتلك نعمة وشرف.