DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الأمن السعودي والمهمات الإنسانية

الأمن السعودي والمهمات الإنسانية
تنفرد القوات الأمنية المشاركة في خدمات الحج بأنها لا تمارس مهماتها كقوات عسكرية محضة، بحيث تؤدي واجباتها بالصرامة التي هي جزء من الطبيعة العسكرية المعروفة في كل مكان من العالم، وذلك بعدما أسست لذاتها ثقافتها الخاصة المستوحاة من طبيعة المهام الموكلة إليها، وكذا طبيعة الموقف الذي تمثله شعائر الحج كونه أحد أركان الإسلام الخمسة، مما يعكس الطبيعة الروحانية على المكان ومرتاديه، بحيث تُصبح ممارسة كل المهن، وكل الواجبات التي تنعقد في المشاعر، نوعًا من التعبد، لا تختلف في ذلك مهمة رأس الدولة الذي يُصبح في هذا المقام خادمًا للحرمين الشريفين، ورجل الأمن الذي يسهر على راحة الحجيج، ويستدعيه المقام وطبيعته إلى التحلل من صرامة العسكرية إلى سماحة الإيمان.
لقد استطاع رجال الأمن السعوديون في المشاعر، وبهذه الثقافة العسكرية الاستثنائية أن يقدموا للعالم الذي يتناقل صور واجباتهم الإيمانية التي تطوعوا بها، ولم يلزمهم بها أحد، استطاعوا أن يحولوا مواقفهم مع ضيوف الرحمن إلى مادة للتنافس في الأريحية، والتنافس في كرم الروح، والتنافس في الإيثار، بل والتنافس في البحث عما عند الرحمن بخدمة ضيوف بيته العتيق، حتى انتظمت من تلك المواقف - التي غالبا ما ترصدها هواتف الحجيج بشكل عفوي، ودون علمهم - سلسلة من المواقف الايمانية التي تؤكد المعاني السامية لهذا الدين العظيم.
صحيح أن الجهات الأمنية تكثف لدى منسوبيها التدريب على رعاية الحجاج، وتحثهم على التفاني في ذلك، لكنها لم تفرض عليهم طبيعة ونوع ذلك التفاني، إنما أفسحت ميدان السباق في هذا الباب واسعًا، ليتحفنا أبناؤنا وإخواننا من منسوبي القوات المشاركة في الحج كل عام بأنماط أخلاقية في منتهى الرقي، ومنتهى الإنسانية ليعكسوا حقيقة رسالة هذه الدولة، وهذا الوطن تجاه الحجاج، وهي الرسالة التي تجاوزت مرحلة تقديم أفضل الخدمات إلى مرحلة رفعهم على كفوف الراحة إمعانًا في تكريمهم وخدمتهم طلبًا لما عند الله قبل كل شيء لأنهم يُدركون أنهم وهم ببزاتهم العسكرية يقفون على ذات الصعيد الذي تتلهف له أفئدة كل المؤمنين في كل أصقاع العالم، الموقف الذي أحرمت له هذه الحشود بالبياض في طريقها إلى الله، وإلى رحماته، لذلك يقدم العسكري السعودي في المشاعر المقدسة كل عام الصورة التي لا يمكن أن تشاهد إلا في مكة أو المدينة والمشاعر، الصورة والموقف الذي يغبطه عليه كافة أقرانه من العسكريين في العالم الإسلامي، خصوصا وهم يشاهدون ذلك السباق العظيم في التفنن في خدمة ضيوف الله ببياض القلوب، وسمو النوايا، ونبل الغايات والمقاصد، حتى صارت تلك الخدمة مناط الإلهام في صناعة الموقف المتجلي.