إن المياه المعالجة لا يتوقف أثرها الجيد أو استخداماتها لدى ري وسقي الحدائق والمتنزهات العامة والأحزمة العمرانية الخضراء، وإنما تبرز لتلك المياه استخدامات كثيرة أخرى من نحو الاعتماد عليها في فوهات الحرائق، والاعتماد عليها كذلك في رش التربة لخفض درجات الحرارة حول المناطق الصناعية ذات الإشعاع الحراري المرتفع، فضلا عن استخدامها في أماكن البناء وغير ذلك.
وفي هذا الإطار تبرز لنا المساحات النباتية والأحزمة الخضراء حول المدن كفلسفة جديدة متبعة في كافة أنحاء العالم وذلك تحت عنوان تعويض كوكب الأرض والنظام البيئي عما فقده وما زال من مساحات نباتية خضراء أثرت بشكل مباشر عليه وعلى المناخ وعلى التوازن بشكل عام، هذا العنوان السابق يأتي كعنوان كبير لما يمكن أن نستفيده من زراعة الأشجار والأحزمة الخضراء حول المدن.
أما الاستفادة المباشرة من الأحزمة الخضراء والمساحات النباتية في المدن وما حولها فيتمثل في خفض درجات الحرارة والمساهمة في بناء بيئة طبيعية متوفر بها الأكسجين في أفضل صورة، الأمر الذي ينعكس بكل تأكيد على صحة الإنسان وتعاطيه مع الحياة، هذا فضلا عن دعم الصورة الحضارية والتغذية البصرية وذلك بأن يرى الإنسان مدينته منمقة ومنظمة ومتواجدا بها مساحات خضراء جمالية تمكنه من الاستمتاع بالحياة وبما فيها.
إن استخدام المياه المعالجة في دعم هذه الرؤية الحضارية للمدن هو أمر يمثل الكثير من ناحية رفع الضغط عن المياه النقية وتخصيصها فقط من أجل الإنسان وما يتعلق بمأكله ومشربه وحياته الصحية، هذا فضلا عن حفظ حقوق الأجيال القادمة في الحصول على مياه طبيعية نقية دون الدخول في احتمالات الفقر المائي والعطش وما إلى ذلك.
إن مكافحة التصحر هو أمر لابد جميعا أن ندعمه ونساهم في إقراره عبر الوعي جيدا لأهمية المياه المعالجة في هذه المكافحة، وعبر الدعم المعنوي على الأقل للمشاريع المؤدية لذلك، والدور المنوط بالمجتمع المدني والجمعيات الخيرية في هذا الاتجاه هو دور مقدر ويمكن أن يتمثل في زراعة النباتات المختلفة والأشجار والمساهمة جنبا إلى جنب مع الدولة في توسيع رقعة الأحزمة الخضراء ودعم تنوعها الطبيعي بما يؤسس لخفض درجات الحرارة أكثر ودعم الشكل الحضاري للمدن بالإضافة إلى دعم النظام البيئي والبيولوجي بشكل عام.