DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

(كيكي وزووم)

(كيكي وزووم)
لن يتوقف هذا العالم ومجانينه عن الاختراعات الخطرة ما دام المراهقون ومحبو المغامرات يتكاثرون ويتواصلون ببساطة كأنهم في شارع واحد. من سيدني إلى ريودي جانيرو إلى واشنطن وبكين والرياض والرباط يتواصل الشباب في مغامرات إلكترونية تحفها رغبة الموت أو رغبة الخلاص من شيء ما. قد يكون هذا الشيء أن العالم أصبح موحشًا وكئيبًا وباردًا حد الصقيع والقرف، ولذلك يتبارون أيهم أكثر استعدادًا لشنق نفسه، أو قتلها تحت عجلة سيارة، أو ضرب رأسه في الأرض بعد أن يجره صديقه بسرعة من قدمه وهو يرقص كما في (زووم) التي بشرونا بها منذ أيام.
لم يعد هذا العالم نظيفًا وأنيقًا ومثقفًا وباحثًا عن الطمأنينة والسلامة كما كان. بات أكثر سطحية وأكثر جرأة وخطرًا، وأحيانًا أكثر دناءة حتى على مستوى سياسييه ومفكريه ومثقفيه. لم نعد كما كنا نسمع عن المثقف الفرنسي الذي تظاهر وحيدًا لتعاطفه مع القضية الفلسطينية، ولا عن الروائي الأمريكي الذي أفنى عمره وهو يفتش في مناقب الهنود، ولا عن الرحالة الإنجليزي الذي غاص كثيرًا في عمق الصحراء العربية ليكتشف مكنوناتها ويكتب عن طبائع أهلها.!!
لقد غيرت تكنولوجيا الاتصالات، الفارهة والفارطة، وجه القيم والمبادئ وجَمّلت المخاطر وحَسّنت الموبقات والفواحش، إلى درجة أن الإبن لم يعد سر أبيه بقدر ما هو سر إيرلندي أو ياباني يتواصل معه من غرف ألعاب ورقصات الموت. يتعلم الأولاد اليوم من جوالاتهم وألعابهم، السرية والعلنية، أكثر مما يتعلمون من البيت أو المدرسة أو مكتبة الحي وجماعات الشارع. وهذا لا يشكل عبئًا عليهم أو على أهاليهم فقط، بل يشكل عبئًا على كاهل هذا العالم المثقل بالجنون والإرهاب وجثث البحار والمحيطات. عالم (نتن) هذا الذي يصبحنا بأخبار الحوت الأزرق ويمسينا برقصة كيكي وتحدي زووم وما خفي من بواطن المراهقين والمراهقات. يفرح هذا العالم بتسارع اختراعاته واتصالاته وألعابه، لكن ليس كفرح اختراع المصباح أو الطائرة، بل هو فرح الرغبة بالتخلص من الضيق: ضيق تدفق المعلومات واستهلاك الأعصاب خلف الصغائر.!!