لا أحد يجادل في أن للعبقريات (العلمية والفكرية والموهبة والخبرات والحكمة) أدوارا مهمة في صياغة الحياة وإدارة العلاقات وتشكيل المستقبل. لهذا، الدنيا ممارسات وظروف وتجارب، يضاف إليها عامل آخر مهم هو «الحظ» وأحياناً يسمى القدر.
وينسحب هذا على الدول أولى، وتقريباً الحظوظ تمسك بتلابيب كثير من البلدان وكثير من البلدان العربية بالذات، خاصة التي ابتليت بطواعين الإيديولوجيات الحزبية الضالة المقيتة، على الرغم من أن العرب في كل الأوطان العربية يتسمون بقدرات عبقريات متفوقة.
وأكثر ما يؤلمني ويثير غضبي، أوضاع العراق، فعلى الرغم من أن هذا البلد أغنى بلد على وجه الأرض، بلا منازع، وفرات الدنيا وشمسها، إذ يملك مقومات الثراء الأساسية، ثاني احتياطي بترول في العالم، وأرضاً زراعية عالية الخصوبة وأنهرا ومهد أكثر حضارات الدنيا وأشهرها، ويمكن تفعليها سياحياً لتدر الثروات، وثروة علمية مميزة، ومواطنين يتمتعون بصفوة الذكاء والعبقرية والإبداع والعطاء، يتشردون الآن في المنافي وأحياناً يذلهم اللئام. لكن الحظ السيئ للعراق، بدلاً من أن يجعله في مقدمة بلدان العالم الناهضة، هوى به لعقود طويلة في ذيل القوائم، تنموياً وأمنياً وإدارياً واقتصادياً. والسبب أن العراق قد ابتلي، منذ الاستقلال عن الاستعمار حتى الآن، بحكومات حزبية كسيحة ضيقة الأفق وسيئة الإدارة، لهذا أهدرت ثروات العراق على الحروب أو مهرجانات تلميع شخصي، أو سلمت للنهابين الذين يهربونها لأسيادهم بالخارج. لهذا تحالف الحظ العراقي السيئ مع سوء الإدارة الحكومية وتخطباتها وميليشيات النهب والجريمة المنظمة، فأنتجت هذه الحال المؤلمة في العراق.
العراق يستجدي الكهرباء الآن ويبتزه ملالي إيران، لأن حكومات العراق، بالذات حكومة نوري المالكي، تركت، لعقود، كل مسؤولياتها وتفرغت لبرنامج التطهير الطائفي العنصري في صفوف المواطنين العراقيين والإنفاق على ميليشيات طهران وعمائمها، حتى أن الموطن العراقي العربي في عهد نوري المالكي يخشى أن يجهر بأنه عربي، بل إن وزراء المالكي يعايرون العرب، وكانوا يتفاخرون بأنهم يعادون المملكة ويبتهلون ببركات الولي الفقيه.
وواضح أن ملالي طهران بدأوا يبتزون العراق بمسألة الكهرباء، بعد أن شعروا أن العراق يبدأ في التحرر من قبضتهم، على الرغم من وجود ميليشيات عراقية كثيرة مسجلة لحساب إيران.
وما كانت الحكومة العراقية تلجأ إلى المملكة لتزويدها بالكهرباء عوضاً عن إيران، إلا لأن طهران بدأت تلوي ذراع العراق وتبتزه.
* وتر
وطن المنصور
ودار السلام وحمورابي وجدايل النخيل
كان ضياء الدنيا..
إذ الرشيد شدو الأناشيد..
وإذ يسرج المعتصم خيله البلق..
قبل أن تهجر البساتين شذاها
ويحجم العراق العظيم عن أن يكون وطن البهاء وتاج التاريخ.