DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

محاذير للأطفال من شبكات التواصل الاجتماعي

محاذير للأطفال من شبكات التواصل الاجتماعي
لم يعد اليوم كما الأمس، العالم في حالة حرة وتسارع مستمرين، التكنولوجيا هي الفاعل الرئيس في كل المتغيرات الجارية حولنا، كل الأمور بضغطة زر تكون لنا جاهزة، السهولة أضحت سمة ترافقنا في أقل المعاملات، لكن لا شيء في هذه الحياة يخلو من ضرر، لكل شيء آثاره السلبية، والتكنولوجيا ليست استثناء من ذلك، بل العكس يعتبرها بعض المتخصصين في عالم الاجتماع بمثابة اللعنة واللوثة التي أصابت المجتمع فغيرته وقطعت أوصاله وفرقت أفراده في جزر منعزلة.
ربما كان لنا بعض الحظ حين سمحت لنا أعمارنا الكبيرة نسبيا في العيش قبل اليوم، قبل غزو التكنولوجيا لكافة أنماط حياتنا. لقد مارسنا الحياة بشكل واقعي، نشأنا في أجواء حقيقية مرحنا ولعبنا وركضنا وعانقنا الطفولة بكل ما تعنيه من مرادفات، لكن بالنظر الآن إلى أطفال اليوم فإننا نرى أشكالا غير اعتيادية من الحياة، أشكالا من الحياة لا تتناسب البتة مع مرحلة الطفولة وما تعنيه، معظم الأطفال الآن يحظون بصفحات خاصة بهم على المواقع الاجتماعية، إننا ندفعهم أن يكونوا ضمن الكبار قبل الأوان، ما يجعلهم ينتقلون نفسيا وكليا من كونهم أطفالا إلى كونهم خليطا سيئا من المواقف والكلمات والسلوك.
لا رقابة ولا سيطرة من الأهالي على ذويهم، ما يشكل تهديدا خطيرا على المجتمع بكامله، خصوصا أن هؤلاء الأطفال هم أعمدة المستقبل ونواته القادمة، إن المبالغة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يضر أكثر ما ينفع بالنسبة للكبار فما بالنا إذا بالصغار، إنه يؤثر عليهم من جميع جوانبهم البدنية والنفسية والفكرية والاجتماعية.
على المستوى البدني تتوقف وسائل التواصل الاجتماعي بمستخدميها خاصة من الأطفال عن الحركة الكثيرة وبذل الجهد والمشي والركض واللعب، ما يتسبب في إصابتهم بكثير من الأمراض خصوصا السمنة وفرط الوزن، هذا فضلا عن المشكلات النفسية التي تنشأ نتيجة تواجدهم أمام أجهزتهم لفترات طويلة من اليوم، حيث تزداد فرص الاكتئاب في التشكل بالإضافة إلى أمراض نفسية أخرى من قبيل التوحد الذي ينشأ نتيجة للانعزال.
أما على المستوى الفكري والاجتماعي فتتقلص لدى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مساحات الإبداع ويصيرون رويدا رويدا مجرد مستقبلين للأحداث ومتلقين للأفكار، الأكليشهات الجاهزة من الحكم والأقوال تكاد تتفشى بين الناس كقواعد صحيحة لا يجب انتقادها أبدا أو التفكير في عدم صحتها، ما يخلق قطاعات من المستخدمين مجرد نسخ من بعضهم البعض لا يفترقون كثيرا في شيء، إنها عولمة اجتماعية تنسخ الفوارق بين المجتمعات وتذيبها مما يؤثر في الأخير على ثقافة المجتمع وخصوصيته، ويجعل هدمه وتفريفه أمرا يسيرا لا يتطلب كثير جهد.
إننا كأولياء أمور وشباب سنتحمل مسؤولية مستقبلية أمام تحد من نوع جديد يتمثل في تنظيم الأمور تربويا بالنسبة لأطفالنا بما يحقق معادلة مهمة تتمثل في عدم حجبهم عن التكنولوجيا وتخلفهم عن روح العصر وأدواته وفي نفس الوقت المحافظة على اتزانهم النفسي والاجتماعي ومساعدتهم في عيش طفولتهم على الوجه الصحي لها.