الامر الثاني اهمية التنسيق مع روسيا في ملفات المنطقة، فواشنطن اقرت اخيرا بفشل عزل روسيا على الساحة الدولية واضطرت للاعتراف بضرورة التنسيق معها في تسوية ملفات المنطقة. فهناك قضايا مفتوحة لسنوات لم تحل بسبب الخلاف الامريكي الروسي كالقضية السورية، التمدد الايراني في المنطقة، قضية القرم، إضافة الى ملفات الطاقة وخفض التسلح، وكل هذه الملفات ملفات معقدة وشائكة ولا يمكن حلها الا عن طريق الجلوس الى طاولة الحوار والتفاوض حولها والمقايضة في كثير منها للوصول الى صيغ توافقية لها أو تقريب وجهات النظر حولها وصولا الى تسوية لها.
الامر الثالث ملف مكافحة الارهاب، وهو ملف مهم لكلا الطرفين ولديهم مصلحة مشتركة للتعاون فيه والتنسيق في مكافحته. فالولايات المتحدة لا تريد تكرار ما جرى في احداث 11 سبتمبر، وبالتالي سارعت لإنشاء تحالف دولي لمكافحة تنظيم داعش بعد تمدده وانتشاره بالمنطقة بل وتجاوز الحدود الاقليمية الى استهداف المصالح الغربية في اوروبا والولايات المتحدة. وروسيا في المقابل لديها نفس المخاوف والتي تتمثل في المجموعات الشيشانية التي ذهبت الى مناطق الصراع، وتخشى بعد عودتها ان تبدأ بعمليات ارهابية داخل الاراضي الروسية ونشرهم الفوضى وتكرار الحالة الافغانية في اوائل التسعينات بعد الانتهاء من الحرب. وبالتالي فالحرب ضد الإرهاب واحدة من أكبر مجالات التعاون بين روسيا والولايات المتحدة.
واخيرا يصعب التنبؤ لمستقبل العلاقة لكن اعتقد كبداية لإعادة الثقة المفقودة وتحسين العلاقات ان تعود العلاقات الدبلوماسية لسابق عهدها بعد عمليات الطرد التي أعقبت حادثة تسميم الجاسوس الروسي في بريطانيا، واعتبار ذلك نقطة تحول ومسارا جديدا للعلاقات بين موسكو وواشنطن. إن تغليب المصالح في العلاقة بين واشنطن وموسكو وتجاوز التعويل على الازمات لاستعراض القوة أمام الطرف الآخر كفيل أن يحل كثيرا من الأزمات العالمية الراهنة.