من حق رئيس الكيان الصهيوني نتنياهو أن يعتبر هذا التصويت «لحظة فارقة في تاريخ الصهيونية» وتاريخ كيانه الاحتلالي/ النموذج الوحيد الباقي عالمياً للصفاقة والتبجح والاستهتار بالقانون الدولي، وفي نفس الوقت نكون أمام المثال الوقح للعجز الدولي عن إعطاء الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وإنشاء دولته على ما تبقى من أرضه المغتصبة بصكٍّ دولي وأممي.!
تاريخ الدولة العبرية المشين، منذ إعلانها عام 1948لا يزال يكتب نفسه بمزيدٍ من السواد، ليكون وصمة عار في جبين البشرية، بممارساته وعدوانيته، وها نحن أمام فصل جديد من هذا «السواد» المظلم والذي استشرى على يد حكومات يمينية متطرفة تخلق قوانين متطرفة، وتسهم في تعزيز نظرية التفوق الإثني والعرقي الذي يتجلى في ترسيخ السياسات العنصرية، بكل أدواتها ومذابحها التصفوية المعروفة تاريخياً، ويكون العالم بالتالي على موعد مع اغتيال آخر الأحلام العربية والفلسطينية في إمكانية تحقيق سلام عادل.. وخلق بذرة قنابل موقوتة يمكن أن تثير الفتنة وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
بمثل هذه الخطوات العنصرية الفاضحة نحو تهويد الأرض، واعتماد العبرية كلغة رسمية، واعتبار تنمية الاستيطان اليهودي «قيمة قومية» وانتهاك حقوق قرابة مليوني عربي في الأرض المحتلة، عدا ملايين أخرى مهجَّرة ومشردة، لا يمكن الحديث عن سلام محتمل، لحل قضية الشعب الوحيد الذي لا يزال تحت الاحتلال في القرن الحادي والعشرين، وتبقى حقيقة أننا ـ والعالم الحر ـ أمام ابتزازٍ لا مثيل له في العصر الحديث.
وبمثل هذه الانتهاكات لكل المواثيق والأعراف الأخلاقية والدولية، تبقى حقيقة «الغابة» التي نعيشها، حيث لا يمكن الاقتناع إلا بمنطق القوة، التي يرضخ عندها كل المشاغبين والمتمردين أياً كانوا وأينما كانوا، ولتبقى آمال حل القضية الفلسطينية ومعها قضية الأراضي العربية المحتلة، معلقة ومؤجلة حتى إشعار آخر، ليس على المتضرر فيها ـ الآن على الأقل ـ سوى اللجوء للقضاء والقدر، طالما لم يمتلك بعدُ أوراق قوته، بدلاً من البكاء على السلام المنتظر.!