من المهم وجود أرقام تفصيلية عن معدل استقرار السعوديين بالقطاع الخاص، وتوقعي بأن تلك الأرقام ستبين أن المشتغل الواحد «تنقل» على أكثر من وظيفة من صاحب عمل لآخر خلال فترة السنة، مما يعني التضييق على المتعطلين «من لم يسبق لهم العمل» للدخول في سوق العمل، ووجود ما يقارب (1.97 مليون) مشتغل سعودي بالقطاع الخاص لا يعني أن هذا الرقم هو نفس عدد الوظائف المتاحة للسعوديين بالقطاع نفسه، ولتوضيح ذلك بمثال: لو فرضنا أن مشتغلا عمل لدى صاحب عمل بعقد مدته سنة ثم قدم استقالته بعد مرور 4 أشهر وانتقل لصاحب عمل آخر، ومن ثم قدم استقالته من صاحب العمل الآخر بعد مرور 4 أشهر وانتقل لصاحب عمل ثالث، سنجد أن هذا المشتغل «تنقل» في ثلاث فرص وظيفية كانت متاحة بالسوق «خلال سنة»، وساهم بالضرر غير المباشر في فرصتين منها كان بالإمكان دخول مشتغلين آخرين لها، والسبب في ذلك عدم التزامه بمدة العقد.
حتى نصل لحلول مستدامة للبطالة ينبغي التعامل معها سلوكياً ونظامياً مع طرفي سوق العمل، وكوجهة نظر أرى ضرورة وجود منصة تبين «التاريخ الوظيفي» لأي مشتغل سعودي في سوق العمل تشتمل على بعض المعلومات الأساسية المتعلقة بالتوظيف وربطها بمعدل الدوران الوظيفي للمنشآت التي عمل لها، ولكل صاحب عمل الحق بالاطلاع على التاريخ الوظيفي لأي مرشح من خلال المنصة، وبالغالب سنجد أن أصحاب العمل سيفضلون المرشحين قليلي التنقل ومن يحترمون فترة عقودهم السابقة، وحتى لا يكون هناك إجحاف بحق الموظف لسنواته السابقة فأقترح أن يكون هناك تحديث لتاريخه الوظيفي السابق وذلك «بإخفائه» عند استقراره مع صاحب عمل لمدة سنتين على الأقل، وتلخيصاً لأهداف المنصة سنجد أننا نعمل على احترام فترات العقود ونساهم في تمكين دخول المتعطلين «من لم يسبق لهم العمل» بشكل أكبر.
ختاماً: من المهم أن يكون هناك توازن في حماية طرفي عقد العمل، وأنا ضد ممارسات التسريح غير الطبيعية، وضد جميع الممارسات التي لا يكون فيها التزام ببنود عقود العمل ومدتها، وهذا ما يجعلني أميل لتوجه توثيق العقود إلكترونياً مع أهمية وجود سجل تاريخ وظيفي لجميع المشتغلين حتى يكون هناك تفرقة بين العاطل والمُعطل خاصة أننا نعمل على إصلاحات في سوق العمل، وحتى نصل لمرحلة كثرة الطلب التي لها تأثير في رفع الأجور بالقطاع الخاص.