سبحان من جعل لنا من شعائر ديننا ما يبعث في النفس البهجة و الفرح , فما إن غادرنا رمضان شهر الخير و المغفرة و النفحات الروحانية التي تريح القلب و تقرب العبد من ربه , حتى هل علينا عيد الفطر بأنواره وبشائره ليحملنا إلى روضات الأنس و السرور , فقد شرع ديننا الإسلامي إشهار الطقوس الاحتفالية فيه و التزاور و تبادل التهاني به , إذ أنه يعتبر بمثابة الهدية من الخالق لعبده بعد شهر متواصل من العبادة المكثفة و السباق المحتدم لنيل العتق من النار ونيل شرف العفو و المغفرة .
كما أن العيد فرصة لصفا النفوس و إزالة الشحناء و تذويب جليد الخصومة بين من جعل حياته ميدان للنزاعات الدنيوية و مرتع للشيطان و وسوسته , فرسالة أو تهنئة في هذا الحدث الديني العظيم قد يكون لها أثر سحري يدمغ ما حدث في السابق و يعيد المياة للركود والصفاء بعد أن عكرها الجفاء و هيجتها الظغينه , فهذه هي أخلاق الإسلام الذي نحتفل بعيده ومن أعظم الأمور التي تقرب إلى الله , فقد جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال , يلتقين فيعرض هذا و يعرض هذا , و خيرهما الذي يبدأ بالسلام " .
و من المؤسف أن هناك من هم في بيت واحد وتحت سقف واحد قد أخذت منهم الخصومة ما أخذت و لم يُبيدُها لا صلح و لا فرحة عيد ! , فهل يعقل أن نعبد الله و نتبع سنة نبيه فيما نريد و نترك ما لا نريد ! و لماذا لا نجعل من تلك الأيام الفاضلة بداية لصفحة بيضاء جديدة و انطلاقة روح صافية لا تطلب من هذه الدنيا سوى رضا الله و لا تحزن أو تختصم إلا فيما يغضب خالقها ويخالف ما جاء به نبيه ! , فلا أحد منا يعرف كم تبقى له في هذه الدنيا وكم عمل تم قبوله و أخر رفِض , و المولى بعزته وجلاله يصفح ويسامح فكيف لنا نحن البشر.