سيبقى تاريخ العاشر من شهر يونيو 2018 علامة بارزه في مسيره العمل السياسي العربي التضامني، والوقائي. الذي عكس درجة عالية من التقدير العربي لدى الشعب الأردني في المقام الأول، ولدي الشعوب والدول العربية، في المقام الثاني.
قمة مكة أول لقاء، مكة، أو مؤتمر مكة جعل الأزمه الاقتصادية التي شهدتها الأردن من الماضي، بمعنى أنَّه أوجد لها حلاً أخرج الأردن من ضائقة اقتصاديه وأخرج المنطقة من خطر جديد يهدد أحد الأعضاء المهمين بالانزلاق الى حافه المجهول، كل ذلك أصبح من النجاحات العربية التي تُسجل للقيادة السعودية، وشقيقاتها الخليجية دوله الكويت، ودولة الامارات العربية المتحدة.
اليوم، وبعدَ أنْ تحقق هذا الانجاز العربي في هذا الظرف الضاغط أمنياً، واقتصادياً وسياسياً، من الجدير الوقوف والتطلع الى ما تمّ، ومحاوله الإجابة على بعض الأسئلة التي لم تزل تثار عن الأزمة، على الرغم قصر مدتها وعلى الرغم من انها لم تحمل اثار سلبيه على الارض الأردنية، ولم يكن هناك فرصه مواتية للأيدي، والأفكار، والخطوط التي تريد تمزيق الجسد العربي، وتخطط لقيام بؤره ملتهبة جديده فيه. إذاً نعود الى أسئلة الأزمه وفي التقدير الغالب أن مثل هذه العودة هي من أجل استيعاب أفضل لما يحدث على الأرض العربية، اليوم أو غدا، أو في المستقبل. وللاستفادة مما حدث، بتزويدنا كقراء، ومراقبين عامين بقراءة واقعية قريبة إلى حدٍ ما مما يحدث، من حيث قدرتنا على التفسير، ومعرفة إلى أي اتجاه تسير المياه في جداول العلاقات والمسببات بين الدول.
السؤال الاكثر الحاحاً، ومنطقيه هو، هل كانت الأزمة سياسية، بمعنى أنها تتعلق بتفضيلات المواطنين الأردنيين بالتغيير، وإدخال المنطقة في نفق صراعي جديد؟ أم إنَّها أزمة اقتصادية طبيعية، استخدمت فيها أدوات طبيعية سلميه، أوجدت للناس قناة للتعبير عن مشاكلهم؟
أزعم أنَّ الغالبية من السيات، والسادة القراء يعرفون الإجابة، الأكيدة بأنها أزمة اقتصادية بحته، ولا علاقة لها بتفضيلات التعاطي مع السلطة، والثوابت في التركيبة السياسية الأردنية، وما يقودني إلى هذه النقطة، هو أن هناك جهات حاولت قلب الحقيقة، وتصوير الأمر على أنَّه تحرك ربيعي كما أصبح يعرف في منطقتنا، وان المنطلقات في هذا التحرك تتركز في تغيير الجذور، والقفز إلى المجهول، بدولة وكيان ومجتمع. وأهمية الكشف عن هذه الجزئية في رأيي عالي الأهمية. لأنَّه يخلق لدى الناس معرفة تمكنهم من وضع اليد على الجزء الأكبر من الحقيقة، والابتعاد عن التصوير الكاذب، والخاطئ اعلامياً، وسياسياً، وحتى تحريضياً. المهم في الحالة الأردنية أن الحياة السياسية تتوافر على أدوات متاحة كقنوات للتعبير عمَّا يهم الناس، وعمَّا يريدون أن يتحقق في حياتهم، وعن نظرتهم التي حاول البعض المزايدة عليها لجوهر السلطة وطبيعة الأدوار التي تحفظ للمجتمع كيانه، وتماسكه واستمراره.
من الأسئلة المهمة في الجانب المقابل، أي في جانب الدول التي بادرت مشكورة بالتحرك، لماذا هذه السرعة، والاستجابة العالية خليجياً، لتطويق الأزمة الأردنية، ومن المستفيد. هذا من أكثر الأسئلة التي طرحت وللأسف بشكل مشكك ومغرض، لذا أود التأكيد على إجابة أزعم أنها الحقيقية، تتمثل في نقاط أهمها:
الدول الخليجية المُبادرة، هي التي تقود اليوم بوصلة العمل، والتحرك السياسي الفاعل عربياً، ولا يتوقع أن تتقدم بذلك الفعل أطراف عربية أخرى، لأَّنَّ الأمر هنا يتعلق بموازنة بين عنصرين في غاية الأهمية هما: الرغبة الحقيقة في الإصلاح وترميم الجسد العربي، والقدرة على القيام وتنفيذ تلك الرغبة على أرض الواقع. وإضافة إلى هذين العنصرين، هناك دُروس تراكمت في الآونة الأخيرة عن طبيعة التحرك، ومواجهة أوضاع عربية ما. وأنَّ أي تأخُر ، أو عودة للأطر التقليدية في النقاش، والبحث عن الحلول، سيكون ذا ثمن عالي التكلفة لن يستطع دفعه أحد.