DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الصيام وقيادة الغرائز

الصيام وقيادة الغرائز
لطالما تمنينا أن نتمكن من ضبط سلوكنا الغريزي في نشاطنا اليومي، وكم أصابنا من أضرار جراء ضعف السيطرة عليها، فغريزتنا تجاه الطعام انتهت بالكثيرين إلى أن يحفروا قبورهم بأسنانهم، والغريزة الجنسية أسقطت آخرين في فضائح وجرائم، وغريزة الغضب ساقت البعض إلى حتفه بسلوكيات عدوانية تدميرية..
ونجاحنا في قيادة غرائزنا ليس مجرد أمنية بقدر ما هو مشروع جاد يتطلب إرادة مؤثرة ومقاومة فاعلة ووقتا كافيا.
الغرائز The instincts في التحليل النفسي قوة داخلية بيولوجية كامنة في الكائن الحي تدفعه الى أنواع مختلفة من السلوك، فهي المحركات الاولى لأنشطة الحياة الانسانية، وكشأن أي طاقة حركية لا بد لها من كوابح تحول دون طغيانها، وإلا نجمت الكثير من المشاكل الأخلاقية الخطيرة بسبب سوء توجيهها.
ليس الحل في كبت الغريزة ولا في إطلاقها دون قيود، بل لا بد من ضبطها تماما كما نصنع مع النهر الطاغي حينما نحدد له القنوات التي تعمل على تصريفه بالشكل النافع دون أن يدمرنا بطوفانه.
وأفضل الطرق لاكتساب القدرة على قيادة الغرائز هي التدريب العملي على توجيه الغريزة فترة كافية من الزمن..
وشهر رمضان الذي أهل علينا بنفحاته يحفل بأدوات تعبدية فاعلة، تعد أفضل تربية عملية على ضبط الغرائز طوال شهر كامل.
سيصير بوسعك أن تتحكم في شهوة الطعام، فأنت في الصيام تمتنع بالفعل عن تناوله في نظام غذائي جديد طيلة النهار، شريطة ألا تفسد هذا الإجراء بالإفراط في الأطعمة والأشربة عند الإفطار مما يؤدي عادة إلى التخمة والإعياء والخمول والتعب للجهاز الهضمي.
وقم بالتمهيد لإفطارك بالسنة النبوية في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من وجد تمرا فليُفطِر عليهِ، ومن لم يجد فليُفطِر على ماءٍ فإِن الماء طهُور". أخرجه الترمذي.
كذلك ستكون أقدر على ضبط غريزة الجنس من خلال التوقف عن الجماع مع الزوجة طيلة فترة الصيام، يجعلك أقدر على غض بصرك عن المحرمات، ويساعد غير المتزوجين على تعزيز عفتهم حتى يغنيهم الله من فضله، ومن إرشاد النبوة: "يا معشر الشبابِ من استطاع الباءة فليتزوج فإِنهُ أغضُ لِلبصرِ وأحصنُ لِلفرجِ، ومن لم يستطِع فعليهِ بِالصومِ، فإِنهُ لهُ وِجاء". (رواه البخاري ومسلم، والمراد من (الوجاء) إضعاف الشهوة أمام قوة الإرادة التي ينالها المرء من صومه.
أما فيما يتعلق بغريزة الغضب، فستجد في الصيام جُنة أي وقاية من ثورانها وغوائلها كما جاء في البيان النبوي: "الصِيامُ جُنة فلا يرفُث ولا يجهل، وإِنِ امرُؤ قاتلهُ أو شاتمهُ فليقُل: إِنِي صائِم، مرتينِ» رواه البخاري.
فتعلم السيطرة على غضبك، من خلال تغيير رد الفعل الخاص بك، من العنف اللفظي أو الجسدي، إلى تذكير نفسك والآخر بأنك صائم مرتين تأكيدا.
إن قيادة الغرائز ليس حالة موسمية عارضة، بل ينبغي أن تكون حالة مستدامة، تنطلق بداياتها بقوة في رمضان، وتستمر إلى غيره من الأشهر.
إن الله - تعالى - خلق الفرس ليركبه الإنسان لا ليركبه الفرس، وغرائزك هي فرسك، فاستمتع بقيادتها، واحذر من الانقياد لها.
[email protected]