طبيعة الامور التي نفعلها ولا نجدها تتزن بالشكل الذي أردنا لا ينفع معها المقدمات التي تحمل مسكنا، لان الكلام المطول بها كالنفخ في قربة مشقوقة وستزيد الطين بللا لتختفي معها ملامح المشكلة الأم، لا نملك تجاهها إلا تغيير المسار والمضي نحو طريق آخر قد نجد لنا معه نقطة تحتسب في مصلحتنا.
كذلك هي اختياراتنا الخاطئة في علاقاتنا لا نتحمل معها آلية الذنب او جلد الذات.
ربما يكمن الخلل احيانا في «شفافيتنا» عندما نتحول الى قارئ ومقروء كأننا نتكوم على حافة سطر، بعيدين كل البعد عن عمقه!
ولاننا صورة مرئية للعالم، الخطأ الفادح الذي نرتكبه تأثرنا بمن خذلونا الوخزة تلو الوخزة، وبتعالٍ أحمق منا نقدم تنازلات لندرك متأخرين ان هذا ما جذب إلينا كل المشاكل الأصغر فالأكبر، متناسين الغنائم بالابتعاد عنهم!
وان كان يحمل طابع الحرية بلا شركاء، حياة بلا محدودية، حرية بيضاء نقية لا تحتمل تلوينهم المظلم الذي يتنامى متزامنا مع شفائنا منهم، فالمسألة (اعتياد) تجعل لك مساحة ترسم من خلالها دوائرك الخاصة الخالية من رماديتهم، وهذا ما يدفعني ان أفكر كثيرا في جملة «الاقارب عقارب».
بالمناسبة، الأقارب لا ينحصرون في من يربطنا معهم نسب أو دم، بل من كانوا الأقرب لنا في مرحلة الثقة والعطاء والشفافية لأنهم وحدهم يعلمون بأدق تركيبة لاوتارنا الحساسة، نقاط ضعفنا، وحدهم من يستطيعون تحديد التوقيت المناسب ليتحول كل ذلك الى حقل ألغام ثم «بومب» مدوٍ وإسقاطنا. عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يقول عنهم: ((تزاوروا ولا تجاوروا)).
انا لست مع او ضد، لانني لا اظن أنني سأتجاهل بهجتي او نكرانها عندما اجد اقرب الناس يحملون نكباتي، ويداوون كبواتي ويكونون بجواري في مقاعد الحياة ليشاركوني الحياة فعلا.
إنها أشياء ستنتشل شعورهم البائس، أننا فضائيون ومختلفون عنهم.
لكن المشكلة تكمن في عدم مقدرتنا على فعل الشيء نفسه معهم طالما استغفرنا قبحه.
لذلك يبقى العتب مرفوعا عن عقولهم الفارغة، خصوصا عندما لا نجد صوتا لحفاوتهم امام إنجاز قدمناه او نجاح وصلنا اليه، ملامحهم الساكنة غير القابلة للتعديل او التراجع، تجعلنا نتنزه بعينين تفتحان وتغلقان جفنيهما بهدوء دون ان تكدر بريقها الذي جعلنا نبصر حقيقتهم تجاهنا.
اننا ندرك جيدا أننا لا نملك خيارات كثيرة نحبها، حظوظ قوية، عصا سحرية، تغير بعض مساراتنا الخاطئة، لكننا نملك عقلا، يجدر بِنا ان نقرر من خلاله من يبقى في محيطنا ومن يغادره، لانه عالمك الحقيقي، لا تربطه بأشخاص سينمائية.