إذا كان دور المرأة في سائر المجتمعات وعلى مدى العصور قد شهد تطوراً تجلى في دورها المتزايد في المجتمع، من حيث المشاركة في المسؤولية الاجتماعية وفي الاقتصاد والعلم والسياسة وغيرها من المجالات التي كانت طوال حقب تاريخية مقتصرة على الرجال، فيما كانت مشاركة المرأة وعلى استحياء في مجالات محددة مثل التعليم والتمريض وغيرها، مما كان يظن أنها المجالات الوحيدة التي تستطيع أن تشارك فيها. وإذا كان ذلك صحيحًا وهو كذلك، فإن المرأة السعودية بشهادة كل متابع محايد قد اختصرت المسافات في اللحاق بغيرها في المجتمعات الأخرى، فهي وإن بدأت متأخرة في ممارسة دورها الذي تمارسه اليوم إلا أنها استطاعت في فترة قصيرة نسبيًا أن تصل إلى ما وصلت إليه من سبقنها إن لم يكن أكثر، فهي اليوم تشارك بتحد يثبت جدارتها وقدرتها على ارتياد مزيد من المجالات التي كان يظن أنها لا يمكن لها أن تثبت فيها كفاءتها، وهي تحقق مزيداً من الإنجازات، وتحتل المزيد من المواقع بدءاً من تحمل مسؤوليات منظمات دولية كما هو في حالة الدكتورة ثريا عبيد التي اختارتها الأمم المتحدة لتحمل مسؤوليات لا يمكن أن يتحملها إلا من هو بمستواها من القدرات والإمكانيات، وصولاً إلى تولي الدكتورة تماضر الرماح منصب نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية مؤخراً، مروراً بأعضاء مجلس الشورى من النساء وغيرهن في القطاعين العام والخاص، كما السيدة لبنى العليان وغيرها من سيدات الأعمال. كل ذلك يثبت أن الكفاءة هي صفة إنسانية تعود إلى الاستعداد الفطري والخبرات العلمية والعملية والسمات الشخصية القيادية التي يمكن أن يمتلكها الرجل والمرأة في نفس الوقت، وأن الجنس لن يكون عائقًا أمام من تتوفر فيه هذه الشروط.. بقي أن نقول إنه لابد من الاعتراف أننا ما زلنا مجتمعًا ذكوريًا يوجد فيه الكثيرون ممن يصعب عليهم أن يتخيلوا المرأة في موقع القيادة، ففي اعتقادهم أن الرجل هو الذي ينبغي أن يكون في هذا الموقع، بل ربما تجد من يحاول الانتقال من المنظمة أو الاستقالة أو التقاعد إذا وجد أنه سيكون مرؤوسًا لامرأة مهما كانت كفاءتها.. لهؤلاء نقول ما يحصل هو سنة الحياة، وهو ما سوف يستمر، وما ينبغي أن يعتادوا عليه، وأن ما يحصل لديهم هو نتيجة لمقاومة التغيير التي لا تخلو منها كثير من النفوس، وهي مقاومة لن تستطيع أن تقف أمام الحقائق التي تؤكد أن الكفاءة هي المعيار الذي يجب أن يكون الفيصل في جميع الأحيان، وأن عليهم أن يعتادوا على عبارة معالي الوزيرة.. ولو كان الصواب هو معالي الوزير حتى في مخاطبة الوزيرة الأنثى كما يقول أصدقاؤنا المتخصصون في اللغة العربية.