أكاد أتفق مع زميلنا الكاتب الصحفي الأستاذ سلمان الدوسري حينما أكد في الأمسية الاعلامية السنوية المفتوحة التي نظمتها غرفة الأحساء قبل أيام بأن وسائل التواصل الاجتماعي لا تصنع المحتوى الاعلامي لعدم مصداقيتها وصحة مظانها ومصادرها، وهذه حقيقة مشهودة لا يمكن الاختلاف حولها، وأذهب الى أبعد من ذلك فأقول إن ما يتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن التعويل على مصداقيته سواء ما تعلق منه بالشأن الاعلامي أو غيره من الشؤون.
تلك الوسائل غارقة فيما أرى في بؤرة نقل أخبار وأحداث اجتماعية أو غير اجتماعية غير صحيحة في معظم الحالات ان لم أقل في كل الحالات، فسرعان ما يكذبها من تصل اليه ويدحض ما ذهب اليه مرسلها من أوهام يظن أنها حقيقة واقعة، فوسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن اطلاقا اعتبارها وسيلة اعلامية مأمونة، بل هي وسيلة مشكوك في مصداقيتها، فهي مجموعة من الأخبار التي تكون في معظم الحالات «ملفقة» وتنتقل من شخص الى آخر على طريقة «كيفما اتفق» وهي معرضة للزيادة والنقصان وفقا لما يراه مستخدمها.
صحيح أن تلك الوسائل هي الأكثر انتشارا وسرعة وأسهل استخداما الا أن الركون الى مصداقيتها لا يبدو سليما، فهي تعتمد في محتوياتها على أمزجة مستخدميها «الخاصة» ولا تعتمد على مصدر موثوق يمكن الرجوع اليه في حالة الاستفسار عن صحة المحتوى أو عدم صحته، وبالتالي فان المصداقية عبر تلك الوسائل مفقودة تماما رغم أنها قد تشكل في بعض الأحايين رأيا عاما.
نقل الخبر الصحفي عبر وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة بحاجة الى مصدر موثوق به، ومتى ما فقد هذا المصدر فان الخبر قد يتحول الى أكذوبة أو «شائعة» سرعان ما يتداولها المتداولون دون التحقق من صحتها وسلامتها وعافيتها، وهذا يعني بصريح العبارة أن استخدام تلك الوسائل كطريقة تخدم الصحافة الورقية أو الصحافة الالكترونية يمثل نهجا خاطئا لا يمكن الوثوق به، أو الوثوق بمن يرسل ما يرسله من أحداث وأخبار حتى وإن كانت تمثل رأيا عاما، فالآراء المتداولة عبر تلك الوسائل قد لا تكون صحيحة على إطلاقها، بل هي آراء مشكوك في نزاهتها وسلامتها في معظم الحالات والأحوال.
وإزاء ذلك فانني أشيد بما عمدت اليه معظم الدوائر الحكومية حينما عينت فيها متحدثا رسميا باسمها ليغدو حلقة وصل بينها وبين وسائل الاعلام المختلفة، فهذه الطريقة السليمة قطعت الطريق تماما عن أي وسيلة لترويج الأخبار التي قد تجنح الى عدم الصدق، والمتحدث في هذه الحالة يكون مسؤولا أمام الجهة التي عينته عن أي خبر ينقل عنها، وتلك طريقة صائبة وصحيحة أدت الى صحة ما ينقل عن تلك الجهات من أخبار وأحداث.
تحول وسائل الاتصال الاجتماعي الى وسيلة اعلامية لخدمة الصحافة هو تحول في غير مكانه الصحيح، بل هو تحول قد ينشر البلبلة والشائعات والأقاويل التي لا تفيد القارئ ولا تفيد المطبوعة في آن.