من خلال المقاطع المصورة، والتي أطلع عليها بين الحين والآخر، تابعت مقطعًا لمجموعة من المشردين في إحدى الدول الأجنبية، وهم يوزعون بعض ما جمعوه على من لم يحالفهم الحظ بالتقاط قطعة خبز أو بقايا طعام يسدون به رمق جوعهم. ربما مر بكم هذا المشهد، فلم تجدوا فيه ما يهمكم. لكنني رأيت فيه «حكمة» لا بد لنا من التوقف عندها والتعلم منها، وهي أنه «لا يشعر بالألم إلا من جربه».
هؤلاء يعلمون ما الذي يعنيه أن يبات الإنسان موجوعًا مهمومًا، يدركون معاناة من ليس لديه بيت يؤويه، أو قلب يحتويه، أو غطاء من البرد يحميه، أو لقمة عيش تسد جوعه. إنهم يشعرون بآلام أمثالهم، لأنهم جربوا الحرمان من كل مقومات الحياة، ولأنهم يؤمنون بأنهم قد يتعرضون ذات يوم لمثل ما تعرض له، من لم يجد ما يأكله حتى لو كان من فضلات الطعام.
سألت نفسي.. هل من الضروري أن نمر بتجربة الحرمان كي نشعر بمعاناة الآخرين من حولنا!؟ لماذا نتجاهل المحتاجين ممن نعرفهم وندفعهم للجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر معاناتهم ومناشدة أهل الخير طلبا للعلاج أو المساعدة، وما يترتب على ذلك من بيع لكراماتهم وإحراج لأبنائهم!؟ لعلني هنا أوجه كلامي لمسؤولي الجهات الحكومية الخدمية، وخاصة في وزارات الصحة والعمل والبلديات والإسكان، بأن يتفهموا معاناة المواطنين المحتاجين لقرار من هنا أو دعم من هناك.
سهلوا عليهم حياتهم وكونوا عونا لهم لا فراعنة عليهم. وتذكروا دائما أنكم لا تتعاملون مع مجموعة أوراق تعرض عليكم، بل مع أناس ينتظرون الفرج في حياتهم، لعله يكون بين أيديكم، أو متوقف على توقيع بسيط من معاليكم. ليس كل الناس يسكنون في الأحياء الراقية، ولا كلهم يملكون تأمينا صحيا، أو دخلا شهريا مريحا.
ليتنا جميعا نستشعر آلام الآخرين دون انتظار لانكسار الرجال..
ولكم تحياتي