احتفى الكثير من رواد التواصل الاجتماعي بالمقترحات المقدَّمة لمجلس الشورى ضد ما يُسمّى بمرتكبي مخالفات الذوق العام، كما شارك بعض الزملاء من الكُتّاب أيضًا الاحتفاء بتلك المقترحات. ومع أنني من مؤيدي الحفاظ على الذوق العام، والتعامل بجدية مع مَن يُسيء بالقول أو الفعل للآخرين، إلا أنني أعتقد أن شمول تلك المقترحات على أحكام بالسجن على مرتكبي تلك المخالفات دون اللجوء لدرجات التقاضي التي أقرّها نظام الحكم، والتزم بها رجال العدل والقضاء، يُعدّ أمرًا في غاية الخطورة.
المقترحات المطروحة هي إدانة كاملة للمجتمع ، فإذا كانت كل تلك التجاوزات والتصرفات بحاجة إلى كل هذا التشدد في العقوبات، فهذا يعني أنها ظواهر مسيطرة على كل فئات المجتمع، وليس على القليل ممن لا يفهمون معنى احترام الذوق العام. ولو ركّزنا على معظم تلك المخالفات، لوجدنا أن هناك أنظمة ولوائح سبق أن وُضعت كعقوبات على مخالفيها. فلدى البلديات الكثير من الأنظمة ولوائح العقوبات التي تتعامل مع مَن يتجاوز الذوق العام، أو يتعدّى على الأماكن العامة أو الممتلكات. كما أن الجهات الأمنية هي الأخرى لديها أنظمة وصلاحيات لضبط ومعاقبة مرتكبي الكثير من تلك المخالفات، التي ليس من بين عقوباتها السجن دون محاكمة أو مقاضاة.
ما نحن بحاجة إليه هو الشرطة المجتمعية، على أن تُحصر صلاحياتها بالحفاظ على النظام العام، بعيدًا عن متابعة الجرائم والمشاكل الأمنية، وعلى أن تتبع مباشرة مديري الشرطة في كل مدينة أو قرية، ناهيك عن ضرورة دعم إدارات الأمن والسلامة التابعة للأمانات والبلديات، ومنحها الصلاحية للضبط والإحالة للجهات المعنية، مثلها مثل الادعاء العام في مراكز الشرطة. وإذا ما ثبت على المخالف مخالفته يُحال للقضاء للحكم عليه، سواء بالغرامة أو السجن أو بكليهما، فالمهم هو العدل وحفظ حقوق الناس ودرجات التقاضي..
ولكم تحياتي.