لم أفاجأ كثيرًا لما قرأت عن قرية زراعية اسمها السماحة في جمهورية مصر لا يقطنها غير النساء ومن تفكر بالارتباط (برجل طبعًا) تُطرد من القرية. وتقوم أيضا الحكومة المصرية بتخصيص أرض زراعية لكل امرأة مع أولادها في القرية، حيث ان القرية تكثر بها المطلقات والأرامل.
على أن نساء قرية السماحة يدعونني للتفكير الأنثربولوجي الجاد في هذه العلاقة المتبادلة الزمنية بين هذين النوعين البشريين؛ الرجل والمرأة. فمنذ البدء في الأساطير وضعت عقلية الرجل الصورة الشوهاء عن المرأة، وأوضح ما يكون ذلك في أسطورة الإغريق عن صندوق بندورا، وتحكي أن الرجال كانوا سعداء قبل أن تظهر المرأة، وبعد انطلاق بندورا (رمزا لجنس الأنثى) حملت معها كل الشرور وأفسدت حياة الرجال (الحلوين الأبرياء السعداء) قبلها.
هذه الصورة الشوهاء عن المرأة بعقلية الرجل صار لها ضد طبيعي في الأسطورة الاغريقية عن البنات الأمازونات اللاتي اعتزلن بجزيرة وتعلمن فنون الحرب، بل وقطعن أحد أثدائهن من أجل إتقان رمي السهام، ومنعن الرجال إلا مرة بالعام يخطفن بعض الرجال للتوالد، ثم يفتكن بهم. الحمد لله أن نساء قرية السماحة بمصر مسالمات لم يطرأ على أذهانهن محاربة الرجال ولا فن رمي السهام.
علماء النفس لهم دراسات عميقة في إيجاد التفسير الطبيعي لعلاقة الرجل والمرأة هل هي قائمة فعلا على صوابية وأخلاقية وأعلوية الرجل على المرأة وربما قائمة على ازدرائها. للأسف هناك دلائل واضحة على هذا المنحى في التلمود اليهودي، وما قصة البنت «سلومي» وأمها مع النبي يحيى إلا مسح للكيان الأخلاقي للمرأة. ولا نعفي التراث العربي والشرقي في صفات المرأة صاحبة الأخلاق الهابطة والخائنة في كتب دخلت في الأدب التاريخي الكلاسيكي مثل ألف ليلة وليلة العربية والشاهنامة الفارسية.. وحتى الفيدا الهندوسية.
وتعرفون أن شخصية مجلة التايم للعام الفائت كانت مجموعة النساء اللاتي كشفن عن تحرش قام به واحد من أكبر منتجي هوليوود.
هل اعتزلت السيدات المصريات الرجال في قرية السماحة بكونهن أرملات ومطلقات لأنهن جربن العيشة مع رجل.. ثم كرهن الرجل وتجربة الارتباط به مرة أخرى؟ هذا ما يبدو..
وأنا أقول: إذا كان الرجال أساءوا معاملتهن.. فبعذرهم!