يبدو أن الأمانات والبلديات، وفي ظل سعيها المتواصل لزيادة مداخيلها المالية، لم تعد تهتم بجمال المدن وحسن تنسيقها. ولعل أكبر دليل على ذلك، تلك اللوحات الإعلانية القبيحة المنتشرة على جوانب الطرق، خاصة الداخلية منها، التي تشهد فوضى وتدميرا للذوق العام وتشويها للمدن.
لا أحد يعترض على محاولات الأمانات والبلديات رفع مداخيلها، فهذا جزء من عملها، وأحد الأهداف التي يجب أن تحققها ضمن خططها الإستراتيجية، لكن ذلك المبرر يجب ألا يكون على حساب جمال المدن وحسن تنسيقها. ولعل أي مسؤول يدرك صحة هذا الكلام، وما يسببه ذلك من تلويث بصري غير مقبول، فهو مثلنا يمر من تلك الشوارع والطرق، ويرى ما نراه. كما أنه حتما قد سافر للكثير من الدول وزار مدنها وعبر طرقها.
العالم يتطور، وهناك عشرات الوسائل الحديثة لإعلانات الطرق، والكثير منها يضيف للمدن جمالا وروعة، ولا أظن أن من بينها مثل ما لدينا من لوحات قبيحة كالتي نشاهدها، خاصة تلك اللوحات المبعثرة بشكل غير متناسق. ولكم أن تتصوروا كيف يمكن الترخيص للوحات تستخدم فيها أسوأ أنواع المواد الخام، مثل ألواح «الشينكو»، التي توضع في الجزء الأسفل من اللوحة. فحتى لو قام أصحابها بدهانها بألوان تخفي قباحتها، فإنها ستظل واضحة وغير مقبولة. هناك خط فاصل في وسط الملعب وحوله شد وجذب، بين ما تريده الشركات الإعلانية من تخفيض لتكاليفها كي لا تخسر عملاءها، وبين «ما يجب» أن تطلبه الجهات المعنية في الأمانات، من مواصفات جمالية وجودة عالية. ومن الطبيعي أن تكون النتائج لصالح مَنْ يستطيع سحب الآخر لملعبه. وما نراه الآن هو نجاح لتلك الشركات، وفشل للأمانات في الحفاظ على الحد الأدنى من جماليات المدن.
الشركات الإعلانية بحاجة لتراخيص الأمانات والبلديات، فلماذا تتهاون هذه الجهات في وضع المواصفات، التي تضمن الحفاظ على جمال مدننا، وفي نفس الوقت تؤمن لها زيادة في المداخيل!؟ ولكم تحياتي.