الطهبلة مرتبة أعلى من الهياط، وهي صفة خاصة بمن يتصدون للمشهد العام ويهولون من أحداثه الصغيرة سواء أكانوا كتابًا أم شعراء أم من ذوي الوعظ على طريقة سمعت وقيل لي وروى لي أحدهم أو حدثني فلان. وقد أحسن الدكتور هلال محمد العسكر في وصف معنى كلمة «طهبلة» فقال «هي لمن لا يعرف معناها كلمة من اللهجة العامية في ربوع نجد وبعض مناطق شمال المملكة، تجمع عدة صفات كصفة النصب والاحتيال والتضخيم والتهويل والاستهبال، وأقرب ما لها من معنى هو «الاستهبال للضحك على الذقون»، ويقال ان فلانًا «يطهبل» على فلان؛ بمعنى أنه يحاول متعمدًا وضع غشاوة على أفكاره ليتهرب من عقاب أو عتاب، أو ليصل إلى غرض احتيالي، أو يمرر فكرة يعرف أنها غير مقنعة». وأزيد عليه بأن المطهبل غالبا ما يسعى إلى مكاسب ذاتية مجتمعية ومادية حين تأخذه هذه الصفة إلى صدور المجالس وأسواق العقارات وممارسة التجارة على وسائط التواصل الاجتماعي الحديثة.
والمطهبل لا يتورع عن الكذب أو وصف الأشياء بغير ما هي عليه حقا، كأن يقول إن رائحة شاة في صحراء الدهناء أطيب عنده من عطور باريس، أو يقول إن طعم الإقامة في شقة مفروشة بالزلفي يتجاوز طعم الإقامة في فندق فورسيزون في اسطنبول، أو يصف (الكبسة) على طريق الجوف بأنها ألذ من كافيار برلين. وهذه أصغر وأقل ممارسات المطهبلين الذين كلما تحدثوا بزت عيونهم وانتفخت أوداجهم ضمن عملية إيحاء بالتأثر وبقصد التأثير على السامعين والمشاهدين.
هؤلاء، بطبيعة الحال، زبد يذهب جفاء لأنهم ضد العقل وضد المنطق، حيث يتحولون مع الوقت إلى أسماء يُستدل بها على النكتة أو السذاجة أو الغباء. وهم، بالمناسبة، لا ينتهون ولا ينقرضون؛ لأن طبيعة الحياة تفرض وجودهم من باب أن هذه الحياة لا يجب أن تخلو من تسلية ومن أجل أن نميز أضدادهم من أهل الحصافة والحكمة في القول والعمل. أما إذا أردتم أن تعرفوهم بشخوصهم فما عليكم سوى أن تتذكروا بعض الأسماء، كيف كانت وأين أصبحت بعد أن طال بها أمد الطهبلة.