يعي اليمانيون كلهم قبل غيرهم، وبمن فيهم الحوثيون أن المملكة لم تدخل الحرب في بلادهم لأي أطماع ذاتية أو إستراتيجية، وإنما دخلتها، وقادت التحالف من أجل إنقاذ الشرعية، ومنع جر اليمن الشقيق إلى محاور إقليمية هو في غنى عن تبعاتها الثقيلة، والتي قد تحوله إلى أداة في يد الغير، وتتأكد هذه الحقيقة من خلال توالى المواقف والأحداث يوما بعد آخر، وكأنها تذكر الجميع أن السعودية لا تحارب اليمن، وإنما تحارب من أجل اليمن، وهو ما تثبته قوافل المساعدات المتتابعة التي يسيرها مركز الملك سلمان للإغاثة، والتي تصل إلى كافة المناطق اليمنية دون تمييز، لأنها تستهدف الشعب اليمني بصرف النظر عن انتماءاته أو ولاءاته السياسية، وصولا إلى قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- والذي اقتضى إيداع مبلغ ملياري دولار أمريكي كوديعة في حساب البنك المركزي اليمني إضافة إلى ما سبق ليصبح مجموع ما تقدمه المملكة كوديعة ثلاثة مليارات دولار أمريكي، وذلك انطلاقا من اهتمام قيادة المملكة في رفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق، ومساعدته لمواجهة الأعباء الاقتصادية جراء انتهاكات الميليشيات الحوثية الإيرانية، والتي تقوم بنهب مقدرات الشعب اليمني، والاستيلاء على عائدات المؤسسات الحكومية بما فيها النفطية، وتحصيل إيراداتها بالريال اليمني، والتلاعب في سعر صرف العملات، واستغلال ذلك لتحقيق مصالحهم الشخصية مما أدى إلى تدهور سعر صرف الريال اليمني، وتحميل المواطنين تبعات ذلك في تفاصيل حياتهم اليومية، مما حدا بالمملكة انطلاقا من استشعارها لمسؤولياتها الدينية والأخلاقية، وهي التي تخوض حربا من أجل اليمنيين، ومستقبل بلادهم للتدخل السريع بمثل هذه الودائع لإنقاذ الاقتصاد اليمني، وتعزيز الوضع المالي والاقتصادي هناك.
وهنا يتبين من يبكي على اليمن ومن يتباكى عليه وفق قول المتنبي: (إذا اشتبهت دموعُ في خدودٍ... تبين من بكى ممن تباكى)، فالذي يحارب بحثا عن المطامع لا يمكن أن يرسل قوافل الإغاثة الإنسانية والطبية أو الودائع المليارية، وإنما سيرسل الصواريخ الباليستية ويزرع الألغام، وهذا هو الفرق بين حضور المملكة في جوارها اليمني الشقيق، وحضور خبراء وعسكر الملالي الذين يهيئون الصواريخ لتحقيق أحلام وأوهام إمبراطوريتهم انطلاقا من أرض سبأ التي كانت على الدوام عصية على الغزاة، كما كانت محضنا للعرب والعروبة.