نسمع كثيرا مفردة (دور) عندما نتحدث عن المساجد، والاصح ان نستبدل كلمة دور، برسالة فالدور ينتهي والرسالة لا نهاية لها. وان من اهم رسائل المسجد جمع القلوب. فمن المسجد النبوي انطلقت الرسالة فأصبح المسجد جامع المسلمين حيث يتفقدون بعضهم ويعرف من خلاله المريض والمحتاج. والمسجد مصدر للتعليم والتوعية والارشاد ففيه مجالس العلم وخطب الجمعة ومواعظ القلوب وفتوى العلماء، وفي المسجد تصنع القلوب المتآلفة وتبنى جسور المحبة وتعقد جلسات إصلاح ذات البين، ومن خلال المسجد يحفظ أهل الحي أبناءهم بدعم حلقات التحفيظ ومتابعة أبناء الحي.
في المسجد نشعر بالألفة فأهل الحي اول من يشاركنا الافراح وكذلك نسعد ونحن نشاهد وقوفهم مع بعضهم البعض في الاتراح كأسرة واحدة. ان لقاء الحي يجعل من جماعة المسجد شركاء في اختيار موضوع الخطبة بحيث تلامس مشاكل الحي عندما تعقد جلسات المشاورة. ومن خلال هذه الأجواء يكون امام المسجد قريبا من المصلين عامة ومن اهل الحي خاصة كونه الركن الأساسي في خلق روح التآلف بينه وبين المؤذن واهل الحي بأطيافهم.
ولكي تبقى هذه الصورة الجميلة، يجب على المصلين التوقف عن كل ما ينغص علاقة اهل الحي ويضعف لقاء جماعة المسجد. فلا نجعل من لقاء الحي مجلسا للنقد وبحث السلبيات، فطاقة الانتاج هي الايجابية ولا بأس من التنبيه على الخطأ ان وجد بطريقة راقية تحترم فيها الخصوصية.
البعض حول لقاء الحي الى بوابة للجراءة على الامام او وسيلة للمزاح ورفع الصوت في المسجد بحسن نية طبعا، متناسين مكان ومكانة المسجد فإن لكل مقام مقالا، وفيما يخص زيارات اهل الحي، لا بد ان تكن مرتبة مسبقا، لما قد تسببه الزيارات المفاجئة من إحراج قد تنفر اهل الحي من بعضهم خوفا من احراجه او مطالبته بفتح بيته لاستقبال اهل الحي وهو غير قادر اما ماليا او لظروف اخرى وهنا يجب ان يكون لنا وقفة لمنع هذه التصرفات المحرجة وربما المفرقة للجماعات، ولنتذكر دائما، ياما خلف الاسوار من اسرار!
اغلب المساجد لديها مجلس (ديوانية) ويختلف نشاط هذه المجالس بين مسجد وآخر حسب نشاط وقابلية الامام عند اهل الحي لاستبعاد التكلف والتكليف واغلاق باب التنافس في الضيافة.
ولمواصلة رسالة المسجد علينا ان نساهم بالتمسك بالأخلاق الحميدة من خلال تصرفاتنا اثناء القيادة وكيفية الوقوف والدخول والخروج من المساجد، واللبس اللائق والتطيب والتعامل مع الآخرين بلين وسماحة، فالدين معاملة وسلوك قبل ان يكون عبادة.