ما ارتكبته قطر بمطاردة طائراتها المقاتلة طائرتين مدنيتين إماراتيتين واقترابها منهما على مسافة أمتار تطور خطير في الأزمة مع النظام القطري، كما أنه دليل على أن هذا النظام مصرٌّ على اللعب بالنار. لو تخيلنا، لا قدر الله، أن مكروهاً أصاب الطائرتين المدنيتين، فماذا ستكون النتيجة وردة الفعل على مستوى المنطقة ككل؟! حين يكون سلاح من هذا النوع بيد صغار حانقين لا يدركون عاقبة ما يفعلون فإن النتائج حتماً تكون كارثية عليهم وعلى غيرهم.
ما اتفق عليه المحللون في محاولة لتفسير هذه الحركة القطرية الصبيانية هو لفت نظر المنطقة والعالم إلى أزمة النظام هناك وعزلته عن محيطه الخليجي؛ لكن هذا شيء وخطورة فعل أرعن من هذا النوع شيء آخر تماماً. الخليجيون ومعهم مصر نسوا قطر تماماً وأسقطوها من حساباتهم الآنية لأن قضيتها بالنسبة لهم «صغيرة جداً»، ولأنهم مشغولون بما هو أهم وأكبر منها. وقد كان وما زال هذا هو خيار النظام هناك؛ حين ركب رأسه من بداية الأزمة وأمعن في البعد عن أشقائه وارتمى في الأحضان الإيرانية والتركية. وبالتالي لماذا هذا الحنق القطري أو هذا الارتباك الذي يؤدي إلى تصرفات خطرة من هذا النوع؟! من الأسهل والأجدى أن يعيد أمير قطر، أو من يدير قطر أياً كان، عقله إلى رأسه، ويعيد البلد إلى خليجها ومحيطها الطبيعي، بدلاً من ارتكاب حماقات تهدد بإشعال المنطقة ودكها فوق رؤوس القطريين قبل غيرهم. هذا الكبريت بيد نظام نزق ومتهور مثل النظام القطري يجب، على المستويين الدولي والإقليمي، أن يُنزع، لأن لا أحد يمكنه التنبؤ بما يفكر فيه هذا النظام وما قد يقدم عليه مستقبلاً من تصرفات وأفعال لا تحمد عقباها. ليس في كل مرة ستسلم الجرة، والواضح والأهم أن لا أمل في عودة النظام القطري إلى صوابه؛ وبالتالي فإن المسؤولية في تحجيم هذا النظام ومحاولة عقلنته لا تقع فحسب على عاتق الدول الأربع المقاطعة وإنما يقع ذلك على عاتق العالم بأسره وعلى عاتق الدول الكبرى المؤثرة في أحداث المنطقة.