كانت الأوامر الملكية بصرف بدل غلاء معيشة للمدنيين والعسكريين بمثابة ضربة قاضية لغلاء المعيشة، الذي قد ينتج من التصحيح الاقتصادي، ويمكن أن يتأثر به المواطن بشكل مباشر، فقد صرفت العلاوة السنوية اعتبارا من الشهر الجاري، وكذلك مبلغ 1000 ريال للمدنيين والعسكريين وأيضا 500 ريال للمتقاعدين، كان لها الأثر الأبلغ في تخفيف الآثار السلبية في بداية مرحلة التصحيح الاقتصادي.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وجه مؤسسة النقد العربي السعودي بالتأكيد على البنوك بعدم المساس ببدلات غلاء المعيشة والمكافآت التي صدر بها أمره الكريم، وعدم اقتطاع أي مبلغ من هذه البدلات والمكافآت لصالح البنوك مقابل سداد القروض الشخصية والالتزامات التمويلية الأخرى، هذا تأكيد على حرصه، أيده الله، على تلمس احتياجات المواطنين وعدم السماح بالمساس بها.
والتوجيه يؤكد أيضا عدة أمور من الأهمية الإشارة إليها في هذا السياق الوطني النبيل، ومن ذلك الاقتداء الحسن بالقيادة في كل ما يخدم الوطن والمواطن، وهو ما دعا بعض الشركات في القطاع الخاص بمبادرة صرف علاوات مماثلة للقطاع الحكومي. وفي تقديري أنه كان يجب على جميع الشركات المبادرة إلى الاقتداء بقطاع الحكومة؛ لمنح موظفيها شعورا بالأهمية والتقدير والمساواة؛ وذلك له أهميته في الإشارة إلى أن الاقتصاد الوطني بعافية، ويمكنه أن يقدم مثل هذه المحفزات التي تجعله يستمر في النمو، ومواجهة تحدياته بقوة واقتدار؛ لأنه في مجمله تحت مظلة حكيمة وتملك الرؤية التي تجعله أكثر إنتاجا وعطاء وازدهارا، ولطالما كان اقتصادنا دافعا للقطاع الخاص ويمتعه بمتانة سوقية تجعله يسهم بدور مهم ومقدر في النمو الذي يحتاج إلى أكثر من النظر إلى الربح وفقا لمعادلة العرض والطلب مجردة من أي حسابات أخرى.
هذه الإجراءات النوعية تؤدي دورا مهما في الانتقال بالقطاع الخاص والسوق التجارية إلى مستوى متقدم من النمو، لأنها في حقيقتها معالجة لأي بطء في نمو الاقتصاد يمكن أن ينشأ بتأثيرات من السوق الدولية، وبذلك فإن ما حدث يمثل حماية للسوق من أي تباطؤ أو تخوف من ذلك، خاصة أن هناك توازنا قد حدث بين القطاعين اللذين يشكلان هيكل الاقتصاد الكلي بنسبة عالية، ونضيف إلى ذلك مسألة معنوية في غاية الأهمية وهي الشعور والإحساس العميق لدى كل موظف تمتع بهذه البدلات براحة وطمأنينة تجاه قدراته الشرائية ومواجهة مشكلاته المادية، لأنه سيعبر الفترة الحالية بما سبق أن تمتع به دون أن ينقص شيئا، ما يعني مزيدا من الإنتاج والعطاء والعمل لوطن يعطي ويحرص على تمتع مواطنيه بنمط حياة لم يتغير رغم كثير من المعطيات التي توجب تغيير ثقافتنا الاقتصادية وإعلاء ثقافة الادخار والاقتصاد الخاص.