يقال رحلة الالف ميل تبدأ بخطوة واحدة، كذلك ثورة التغيير المباركة في ايران كانت بدايتها شرارة بسيطة، فهي نار حارقة على الملالي، بينما في حقيقتها قطرة غيث وبلسم على قلوب الايرانيين الذين اكتووا بشر وشرر الملالي، فهذه القطرات عبارة عن بوادر امل تحمل في طياتها التغيير الذي انتظره الشعب الايراني، فهذا الشعب جدير بأن يحظى بحكومة ديمقراطية تؤمن بالتعددية وتحترم حق الجوار ولا تتدخل في شؤون الغير.
من بركات هذه البداية، أصبح للمعارض الايراني في الداخل صوت بعد أن ضاق ذرعا بما يعانيه من قمع وبطالة وفقر منذ بداية الثورة الخمينية في ايران عام 1979 الى وقتنا الراهن، لقد فات على حكام طهران، المثل الشهير من كان بيته من زجاج فلا يرم الناس بالحجارة، ولا نعلم هل نسوا أم تناسوا ان الجمهورية الايرانية عبارة عن بيت كبير من الزجاج الهش والشفاف، فما صدروه من ثورة باسم المذهبية، لديهم تداخل عجيب بين المذهبية والقومية وكذلك امتداداتها الجغرافية بين الاقاليم غاية في التعقيد، ومن السهل ان تنتفض الاثنيات في جميع الاقاليم لبناء جمهورية جديدة، تجعل مطالبات شعبها ورفاهيته من اولوياتها.
لم يعد يخفى على كل حصيف سياسة الملالي التي شعارها (إشغال وإشعال) والهدف من هذه السياسة أن ينشغل الشعب الايراني المغلوب على امره بتدخلات ساسته الخارجية وبما يدندنون به عليهم ليل نهار على انها إنجازات لحكوماتهم المتعاقبة وتصدير للثورة التي من شأنها أن تعيد امبراطورية فارس العظمى مما قد يصرف الانظار الى الخارج الايراني، وعندها لن يكون هناك وقت للصوت الداخلي ومطالباته، الشق الاخر من الشعار، ان يشعلوا الفتن في العالم الاسلامي عامة والعربي خاصة، وقد نجحوا الى حد ما وأصبح الساسة الايرانيون يتبجحون باحتلال اربع عواصم عربية، ونجاحهم هنا لا يعني قوة ايران بقدر ما هو ضعف ووهن اصاب عالمنا العربي تم استغلاله من قبل الملالي، وفي الحقيقة كانت احلامهم اكبر من العواصم الاربع بكثير!!
بعد ان شاهدت المتظاهرين في ايران يشعلون النيران في صور الرموز التي مجدها بعض الخونة في عالمنا العربي، احب ان اوجه رسالة الى من باع دينه ووطنه من عالمنا العربي، وانجر وراء سراب ايران واوهامها، عندما كانت الثورات العربية في عدد من العواصم العربية، كان المتظاهرون يحملون صور حكام ايران الاحياء منهم والاموات، بينما المتظاهر الايراني كان اكثر حكمة وولاء لوطنه فلم يحمل صورا لحكام عواصمكم العربية، بل حمل نفس الصور التي حملتموها في بلدناكم، الفرق بينكم وبينهم، انتم رفعتم الصور لحكام ايران تمجيدا وانصياعا لهم، بينما المتظاهرون في ايران اشعلوا في تلك الصور النيران، وشتان بين من يشعل النار فيمن احرق بلده ومن يمجد من مزق وطنه.!