«تاريخ جدي وتاريخ عائلتنا!
ما الفائدة أن يكون جدك السابع عشر كريما لا تغيب عن مجلسه الضيوف، وعالما فذّا وفارسا شجاعا وأنت اليوم ما عندك شغل غير لبس البشت والاستعراضات؟!»
أعتقد أن الكثير من مجتمعنا- الذي يحمل إرثاً عظيماً في المكارم- يحتاج إلى هذا السؤال حاجة ماسة، فعدد من أبناء العائلات التي تحمل اسما جميلا يمارسون انتحاراً بطيئاً علموا أم لم يعلموا!
لا يطور نفسه مكتفياً بأنه ابن فلان، ومع الوقت يصبح أنموذجاً للسذاجة التي يزيدها خطورة أنها مختلطة باعتداد كاذب بالنفس!
لا يعمل لأنه لا يمكن حسب تفكيره لابن فلان آل فلان أن يعمل مثل هذا العمل، فيعيش في حاجة يطلب هذا وذاك ممن يراهم أقل منه منزلة!
يتعامل مع الناس بفوقية، لا لأنه مميز، فالمميز حقيقة لا يحتقر غيره، ولكن لأنه بسيط وابن فلان!
ربنا يقول: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وفي الحديث يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: «... ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه»، وللإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبيات تحمل الكثير من ابن الحسب والنسب الرفيع:
كن ابن من شئت واكتسب أدباً يغنيك محموده عن النسب
فليس يغني الحسيب نسبته
بلا لسان له ولا أدب إن الفتى من يقول ها أنا ذا
ليس الفتى من يقول كان أبي
ولابن الرومي:
لئن فخرت بآباء ذوي حسب لقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا!
هذه رسائل من أجل من حبسوا أنفسهم بالمقابر وحرموا أنفسهم لذة الطموح أن يستفيدوا من ماضي عائلاتهم بأن يبنوا عليها نجاحاتهم، بما يحقق لهم التميز ويحافظ على أسماء هذه العائلات، لا أن يجعلوا عائلاتهم أضحوكة لمن يستحق ومن لا يستحق!
ليس هذا حق أجدادك عليك!.