في السياسة الدولية يتداول مصطلح «الحرب بالوكالة» ويشير في إحدى صوره، إلى ان القوى، الكبرى، أو الإقليمية، في رقعة ما من العالم عادة ما تستخدم دولا أصغر، لتكون وكيلا عنها في التأثير على مصالح أطراف دولية أخرى، وهو يعني، أيضا في بعض صوره الأخرى، أن تستخدم دولة ما أطرافا أو جماعات من المرتزقة، والخارجين عن القانون لضرب استقرار، وتهديد مصالح من تعتبرهم خصومها السياسيين، وهم في الغالب، دولة او عدد من الدول، بغية الإضرار بمصالحهم، ولتجنب أخطار المواجهة المباشرة معهم.
التفسير المبسط للمصطلح ينطبق بجميع عناصره على الحالة الإيرانية، في صراعها العملي مع الجانب العربي، فإيران في أكثر من مكان في العالم العربي اختارت أشد الجماعات عنفا وقبولا للعب دور الوكيل للدفاع عن المصالح الإيرانية في محيط لا يمت للفكر، ولا للثقافة السائدة في إيران بأي صلة.
يضاف الى ذلك أن الجانب الإيراني اختار دول الجوار العربي لتكون الخصم السياسي، والثقافي، التاريخي، منذ انطلاق ما يسمى بالثورة الإيرانية، واختارت من مواطني الدول العربية جماعات وفئات قبلت ان تلعب دور الوكيل، الذي يقبل أن يعادي بيئته الطبيعية الحاضنة بتأثير الأيدلوجيا، والانتماء الطائفي، وبمغريات التمكين للتفرد بالنفوذ والسلطة دون مشاركة من أحد من أطياف المجتمعات المحلية، إضافة إلى الدعم المادي والعسكري المسلح الذي يستخدمه بعض الوكلاء لقتل أبناء جلدته المقربين، والاشقاء العرب. هناك ثلاثة مسارات متوازية في سياسة الوكالات العربية لإيران، الأول، ما يسمى بالوعد الثوري بان تسود النظرة الطائفية المحملة بالنفحة العقائدية الإيرانية العالم الإسلامي انطلاقا من قيادة المقدسات، الثاني، لتحقيق المسار الأول يجب السير في نهج تصدير الفكر التفتيتي للمركب الثقافي العربي، واستبداله باي طريقة ممكنة بالنهج، والرؤية الإيرانية، الثالث، تمكين هذه الفئات المرتزقة في مجتمعاتها العربية من ان تكون ذات يد طولى في ادارة الشأن السياسي والاجتماعي والثقافي ذي النزعة الخضوعية للفكر والرؤية الإيرانية.
هذه هي الصورة العامة وخطوطها العريضة التي يرى بها العالم اليوم إيران وطبيعة صراعها بالوكالة مع المجموع العربي. وهذا يعني بدون أي شكوك ان العرب، والدول الاقليمية، والدول العظمى تعلم وبوضوح ان لإيران وكلاء عربا ينافحون سياسيا، وايدلوجيا، وعسكريا عن إيران في مواجهة الدول العربية.
ومع كل هذه الحقائق نجد أن ايران إعلاميا، وسياسيا، تحاول القفز على كل تلك الوقائع، وتحاول تسويق بضاعة لن يقبلها منها أحد، فجملة الخطاب الإيراني يتباكى على أوضاع العرب، في بلدانهم، ويضخم ما يسميه بجور العرب، على العرب، بمفارقة وعدم حياء سياسي بأنه يتدخل في شؤون العرب، الذين يحاولون إصلاح بيتهم الداخلي دون وصاية خارجية حسب مبادئ الأمم المتحدة، والقانون الدولي، في اليمن مثلا وعبر دعم إيران للوكيل الحوثي تقدم ايران نفسها على أنها تحب اليمنيين والعرب بالنيابة عن انفسهم عبر دعم الطرف الذي قتل اليمنيين في ستة حروب أزعجت اليمن، والمنطقة.