جاء الخطاب الذي ألقاه خادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى يوم الأربعاء الماضي عامًا شاملًا وواضحًا حاملًا كل ما يجب قوله في مثل هذه المرحلة الهامة التي يمر بها الوطن والمنطقة والعالم؛ ففي الوقت الذي أكد فيه على الأسس المتينة التي قام عليها هذا الكيان الكبير منذ وحّد شتاته وأقام دعائم وحدته الملك المؤسس -يرحمه الله-، مؤكدا على أن الشريعة الإسلامية هي الأساس المتين الذي يقوم عليه الحكم، وأن الوسطية التي هي الوصف الخالد للدين الحنيف سوف تظل هي الوسيلة للنظر للأمور والأحكام، وأن من يدعون غير ذلك إنما يعيشون وراء أسوار من العزلة وضعوها حول أنفسهم، أما هذا الوطن فسوف يستمر في طريقه ولن يحيد عن تمسكه بعقيدته. وفي المجالين الاقتصادي والتنموي فقد كان واضحًا أن المملكة سوف تشق الطريق الذي خطته لمستقبلها من خلال رؤية المملكة 2030 وخطة التحول الوطني 2020 بما يضمن الوصول بالاقتصاد السعودي إلى شاطئ الأمان وتحقيق الأهداف الاستراتيجية المرسومة وفي مقدمتها تعدد مصادر الدخل الوطني والتحول من نظام المورد الواحد المعتمد على النفط إلى تعدد المصادر من خلال زيادة الإنتاج ومضاعفة الصادرات وتصحيح الميزان الاقتصادي مع الشركاء لصالح صادرات المملكة لهذه الدول، إضافة إلى التوسع في الصناعات التحويلية وتوسيع مشاريع الانتاج من المعادن والثروات التي تزخر بها أرض الوطن، كما أكد -حفظه الله- على مواقف المملكة تجاه قضايا أمتها العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين ورفضها لقرار الإدارة الأمريكية في الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، كما أكد وقوف المملكة مع اليمن الشقيق في المحافظة على الشرعية ووقف التدخلات الأجنبية.. وهي مواقف ثابتة منذ عهد القائد المؤسس وتبقى ثابتة -إن شاء الله-.. يبقى أن نؤكد أن هذه المناسبة السنوية التي يوجه فيها قائد الوطن مثل هذه الكلمة الضافية لأعضاء مجلس الشورى، وتلقي الضوء على أهم القضايا التي تهم المواطن والوطن، هي تجسيد لعلاقة الولاء والانتماء أولا ثم لمبدأ الشورى باعتباره مبدأ إسلاميًا، وعن المشاركة في القرار وحشد قدرات أبناء الوطن وخبراتهم لخدمة الوطن وصناعة مستقبله، خاصة وأن مجلس الشورى يضم نخبة النخب من أبناء الوطن من الأكاديميين والخبراء والعلماء في سائر المجالات، إضافة إلى أصحاب الخبرة من الجهات الخدمية إلى جانب العنصر النسائي الذي يؤكد مشاركته وكفاءته يوما بعد يوم.. إن ثقة المواطن السعودي بقيادته.. وولاءه لهذا الوطن لا تحتاج إلى دليل لأنها تتردد مع نبضات القلوب ولا يزيدها هذا النطق السامي الكريم إلا وفاء ومحبة.. والثقة تملأ النفوس أن وطنًا هذه قيادته.. وهذا شعبه.. ويجمع بينهما هذا الحبل المتين من الحب والوفاء سوف يزداد قوة ومنعة -إن شاء الله-.