يوم الأربعاء كان يوماً ظلامياً جديداً يضاف إلى أيام الهزائم في دنيا العرب. واعتراف الرئيس الأمريكي ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ليس أول الهزائم ولا يبدو أنه آخرها، ما دام الفلسطينيون أنفسهم والعرب يحجمون، بتعمد وتقصد وبله، عن مواجهة الحقائق، والعيش بأحلامهم الخيالية، وحتى نواياهم الغادرة، منذ الوعد «الهياط» برمي إسرائيل في البحر حتى الألم «الصوري» المخادع الراهن من أجل فلسطين، وتصفيق القوميين التقدميين العرب واحتفائهم بعدوانية حزب الله وبالإحتلال الإيراني لأربع عواصم عربية.
الحقيقة التي لا يريد معرفتها لا الفلسطينيون ولا العرب، أن الفلسطينيين أولاً والعرب القوميين المهايطين ثانياً، هم الذين أضاعوا فلسطين، وإسرائيل وحلفاؤها يستثمرون، على نطاق واسع، الهياط الفلسطيني العربي لترسيخ احتلالهم فلسطين ومصادرة القدس.
المهايطون الفلسطينيون والتقدميون العرب يلومون السعودية والخليج بشأن فلسطين، لكنهم لا يلومون أنفسهم ولا يلومون الذين تاجروا بالقضية الفلسطينية وحولها إلى سوق ومبايع ومزايدات خطابية وأيديولوجية. بل إن السعودية ودول الخليج حاولت أن توقف مهزلة تحويل القضية إلى «بورصة»، بعد أن لاحظت أن الفصائل الفلسطينية العديدة التي تتوظف لدى أنظمة عربية وتخدمها باسم فلسطين، وتمارس كل صنوف التجارة والجريمة والبيع، وأنظمة عربية توظف اسم فلسطين لجني أرباح شخصية وتصفيات حزبية وصراعات.
كانت فصائل فلسطينية وأنظمة عربية «تقدمية» تطلب من الخليج دعماً مالياً، بحجة تحرير فلسطين، لكن هذا الدعم لم يكن يوظف قط لتحرير فلسطين، بل يذهب لجيوب متنفذين فاسدين في الأنظمة والانفاق على دعايات حزبية وبروبغندا لأيديولوجيات، وكلما زادت حدة الهياط والضجيج لدى القوميين والتقدميين العرب كانت إسرائيل تزيد من ترسيخ احتلالها فلسطين.
تنهبت دول الخليج إلى أن منظمات فلسطينية تتأسس ليس لتحرير فلسطين بل لتكون صناديق لجمع الأموال وتوظيفها لخدمة أنظمة عربية أو تنظيم شبكات جريمة منظمة، مثل منظمة «مجلس فتح الثوري» التي أسسها أبو نضال (صبري البنا) عام 1974، وكانت منظمة تمتهن الجريمة المنظمة وتتعاقد مع أنظمة عربية لتصفية معارضين وفلسطينيين في منظمات أخرى، بل إن الأموال التي تقدمها دول الخليج لدعم التحرير، كانت تتحول سريعاً إلى شراء سيارات مرسيدس فاخرة توزع على المتنفذين في الأنظمة العربية والمنظمات الفلسطينية وعلى أولادهم وأقربائهم، لهذا طلبت المملكة من قادة أنظمة دول المواجهة، ونظام الأسد بالذات، إما أن يعدوا لحرب تحرير حقيقية وهي تساند، أو يبدأوا بالتفكير بالسلام، أو لا يطلبوا دعماً من الخليج، لأنه من غير المعقول أن يجري استغباء الخليج وحلب أمواله، بحجة تحرير فلسطين ولا توجد نية ولا خطة للتحرير، والتحرير كان يستخدم ستاراً لجني الأموال وصرفها على الحزبيين والمتنفعين والسيارات الفارهة والمباني الفخمة والرحلات والاستجمامات في المنتجعات.
وأخيراً الذي يصفق لاحتلال إيران الصفوية الطائفية الفارسية العنصرية لبيروت ودمشق وبغداد وصنعاء ويدعم عدوانها على المنامة والرياض والكويت، عليه أن يصمت ولا يتكلم عن الاحتلال الإسرائيلي للقدس، لأنه سوف يكون منافقاً خداعاً وحتى «بياعاً» سوقياً للشعارات والأوهام والأقنعة.
*وتر
أرض الأقداس..
إذ يسقى الثرى بالدموع..
وتنطفئ الأقمار..
وهذا الظلام
يكافحه المهايطون
باللغو والضغائن
وغثاء الكلام
للغيداء، الأرض اليتيمة وشمس الروائع
وحقول الزيتون والأنبياء
السلام