أجرت (مجلة التايم) الأمريكية الشهيرة استفتاء بشأن شخصية العام 2017، وفاز بالتصويت على الاختيار بين شخصيات عالمية متعددة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد. والجدير بالذكر أن آخر شخصية عربية وقع عليها الاختيار لتكون الأشهر والأهم خلال العام كان الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات قبل أربعين عاما (في سنة 1977م)؛ وذلك لإسهامه في صناعة السلام بين العرب وإسرائيل، وتوقيعه أول اتفاق فيما عرف بمعاهدة (كامب دافيد). وقبله كان قد وقع الاختيار (من الشخصيات العربية) على الملك فيصل -رحمه الله- في سنة 1974م؛ بسبب دوره الكبير في سياسة الطاقة العالمية، خاصة بعد أن قام بقطع الإمدادات النفطية عن الغرب في سنة 1973م، وإسهامه في حرب أكتوبر التي جرت في العام نفسه.
وهذا يعني أن الأمير محمد بن سلمان سيكون الشخصية العربية الثالثة، التي تختارها مجلة التايم، لتكون الشخصية العالمية لهذا العام، منذ قيامها بهذا الإجراء السنوي قبل تسعين عاما (منذ 1927م). وبالطبع لم يصدر العدد الختامي الخاص بعد، إذ من المتوقع أن يتم إصداره في نهاية ديسمبر، مما يعني أنهم لم يذكروا أسباب الاختيار إلى الآن، والتي ستظهر على غلاف العدد الخاص. لكن هناك العديد من الأسباب، التي جعلت مجلة التايم تفكر في طرح اسمه أولا ضمن قائمة صغيرة للترشيح، ثم دعت من قاموا بالتصويت لاختياره من بين أولئك المرشحين. وأظن أهم تلك الأسباب هي الخطط الطموحة، التي طرحها الأمير الشاب لتنمية بلده، والانتقال به من الاعتماد على النفط إلى المشاركة في الاقتصاد العالمي والتجارة والصناعة الدولية، وتحديث أنظمة البلد التي بقيت رتيبة لفترة طويلة جدا، مما جعلها ترقى إلى جذب الاستثمارات العالمية، التي كانت تخشى من بطء الإجراءات، ومن ضعف الأنظمة وسوء قوانين الحوكمة الإدارية والقضائية، والانفتاح على العالم سياسيا وثقافيا، مما جعله لا يتردد في تسمية الأشياء بأسمائها، من كون البلاد في هذه المرحلة ستقوم بحرب شرسة على التطرف، وستهزم كل الأفكار الرجعية، التي اختطفت البلاد من الخط الوسطي لفكر الإسلام المعتدل، وكذلك إنشاء حلف دولي كبير لمحاربة الإرهاب، وقيادته تلك الحركة الإسلامية الواسعة لبناء كتلة دولية ذات شأن في عالم لا يعترف إلا بالتكتلات القوية. فهذا كله وربما بعض منه هو ما قد يكون دار في أذهان من رشحوا اسم سموه للمنافسة على لقب شخصية العام.
لكن ما الذي يجمع كل هذه الصفات في شخص واحد، وفي رجل ما زال في مقتبل عمره؟ هل هي التربية السياسية على يد والده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أم الهمة والطموح الذي عبر عنه سموه في أكثر من مناسبة، بأنه لا يحده إلا عنان السماء، أم هو جين المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز الذي كان يطمح إلى صنع المعجزات في هذه الصحراء المقفرة، وتحقق له ذلك بفضل عزيمته وإيمانه بقدرات الإنسان على الوصول إلى ما يريد بالمثابرة والصبر والاستمرار في المحاولة؟ وربما تكون الإجابة هي كل ذلك معا، أو ما عبرت عنه في العنوان بكاريزما الأمير الشاب محمد بن سلمان، الذي خطف الأضواء في الداخل، وأبهر كثيرا من السياسيين والإعلاميين في الخارج.