كُنا ونحن في خطوات التعليم الأولى، يسألنا كبار العائلة عن توجهنا العملي مستقبلا بقولهم «وش بتصير إذا كبرت». كثير منا كانوا يقولون أطباء ومهندسين ومدرسين وضباط. ومن كانت له نظرة بعيدة المدى كان يتمنى أن يكون أميرا.
أنا شخصيا كنت أرد عليهم بأنني سأكون مهندسا للكهرباء، والحقيقة التى لم أفصح عنها حتى كتابة المقال أنني كُنت أتمنى أن أكون «سائق شاحنة»، لماذا؟ لأنه كان لنا جار لديه شاحنة كبيرة ينقل بها البضائع بين المدن، وكان نهاية كل أسبوع يوقفها أمامنا في الحي ويقوم بصيانتها وتنظيفها وتغيير زيوتها، وأنا مغرم ومعجب بهذا الرجل البسيط كيف يقود هذه الكتلة الهائلة من الحديد، ولهذا ولدت عندي رغبة أن أسلك مسلكه في الحياة، ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن.
اليوم هناك رغبات للأبناء خاصة حديثي التخرج من الثانوية العامة قد تكون غريبة وغير مرغوبة لدى الآباء، فالأب عادة يريد لابنه مكانا مريحا ذا وجاهة ومردود دخل جيدا، وهذا أمر طبيعي، ولكن يجب أن يعرف كل أب وأم أن الإبداع والتميز والتقدم فيما يرغبه الابن وليس الأب.