القمة الخليجية الدورية تعود للواجهة، وتعيد معها الأزمة القطرية برمتها إلى الواجهة. في الشهر الأخير ساد اعتقاد بصغر الأزمة القطرية، وربما تمثلت هذه الرؤية سياسياً، وإعلامياً في أكثر من مظهر، وكان هناك أسباب مساعدة زادت من الشعور بصغر الأزمة، منها المشاكل والأزمات العربية، والإقليمية، والدولية. ويذهب الرأي الراجح إلى أن هذه الحزمة من الازمات تحتاج في صيرورة البحث لها عن الحل في البدء بحل المعضلات الصغيرة استعداداً، وبشكل أفضل، وأقوى للتصدي للمشكلات الأكبر؛ تبعا لهذه الرؤية ومع دخول شهر ديسمبر والموعد المضروب للقمة الخليجية الدورية في الكويت يعود كل ذلك الزخم للحديث عن الخليج، وأزمته، وتصديه للازمات الأخرى في الإقليم وهي كثيرة ومتشعبة وتتقاسمها أطراف إقليمية، ودولية. تتقاطع مصالحها بين ملف، وآخر، إما بالاختلاف، أو الاتفاق.
الشهر الأخير شهد نوعا خاصا من المعالجة الخليجية للازمة، حيث تركز العمل على حراك يكاد يكون خليجياً خالصاً، جسدته دولة الكويت بقيادتها وحركتها الدبلوماسية التي أثبتت أنها لا تعرف الكلل. عبر استقبال مبعوث رسمي قطري زار الكويت. وعلى جانب آخر استقبلت المملكة وزير الخارجية الكويتي وكان يحمل رسالة للقيادة السعودية، قيل إن جوهرها عقد القمة في وقتها، وحضور كل الأطراف بمعنى قمة مصالحة يتجاوز فيها أهل الخليج خلافاتهم التي يرى البعض أنها طالت لأكثر مما يجب، وقالت أخبار أخرى، لم يتأكد من دقتها، إن جهات دولية تكثف الدفع نحو حث الجميع لإنهاء الأزمة عبر بوابة قمة الكويت.
المادة التي لدى المراقبين اليوم، وخاصة من يود منهم الاقتراب من أجواء القمة، والأزمة هي الحلول الافتراضية، والاحتمالات، وبناء التصورات لواقع المجلس ودوله من خلال النظر للتجربة التي اقتربت من أربعة عقود، وبالتالي محاولة قراءة التصورات المستقبلية للمجلس كمنظمة إقليمية دولية تمثل نظاما فرعيا أمنيا، وسياسيا واقتصاديا عربيا في منطقة شديدة الحساسية، والخطورة لشعوبها، وللعالم.
تجربة المجلس خلال العقود الماضية، محل تقدير وتثمين، إذا ما قيست بغيرها من التجارب العربية المشابهة، ولكنها بالتأكيد تعكس حالة من عدم الرضا إذا ما قيست بمنظار الرضا لشعوب دول المجلس، والدور الحقيقي الذي يقوم به المجلس أمنياً وهذا عنصر شديد الأهمية، وسياسيا، واقتصادياً، واجتماعياً. ولعل الأزمة القطرية كانت واحدة من أهم القضايا التي عكست القدرات الحقيقية والثقة التي أعطيت للمجلس من الدول الأعضاء التي تشارك فيه، والتي بينت بجلاء أن الدور الذي لعبه المجلس كان دون المستوى. النقطة الأهم في هذا السياق أن هناك رؤى وأطروحات للأعضاء على مدى الفترة الماضية حاولت التقدم بالمجلس إلى حالة أكثر تقدماً من مرحلة التعاون، ولكن هذه الخطوات لم يكتب لها النجاح، مما ضاعف حالة من عدم النجاح في تفعيل دور المجلس. إذا نجحت الدبلوماسية الكويتية في عقد القمة في وقتها، وبكامل أعضاء المجلس فسيكون اختراقاً للازمة، أهم من ذلك، أنها قد تكون البوابة التي ينتظرها الجميع لمجلس مختلف.