تحتل المملكة طليعة الدول التي حاربت الإرهاب في وقت مبكر، كما تعتبر أكثر دول العالم تبنيا للمبادرات التي تستهدف القضاء على هذه الآفة الخطيرة، بل والأكثر دعما للجهود الدولية الأخرى في هذا المضمار، خاصة وأنها الدولة التي تجرعت مرارة الإرهاب إذ تعرضتْ منذ العام 1979 إلى 335 عملية إرهابية حسب مصادر وزارة الداخلية السعودية، وقد نجحت تلك الجهود -بفضل الله- في مطاردة الإرهاب والإرهابيين، حتى أصبحت التجربة السعودية أنموذجا للعمل الأمني والفكري المتكامل لمواجهة العمل الإرهابي، حيث ساهمت جهود المملكة في تجفيف منابع تمويل الإرهاب في الداخل والخارج، إلى جانب تأسيس مركز إعلامي لتتبع ومواجهة جميع مصادر خطابات المتطرفين، كما طرحت المملكة في مؤتمر الرياض 2005م فكرة تأسيس مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، والذي تم في عام 2011م، فضلا عن دعم الصندوق المخصص لهذا المركز بـ110 ملايين دولار في حينه، وصولا إلى مؤتمر الرياض الأخير الذي عقد برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- والرئيس الأمريكي، وقادة العالم العربي والإسلامي، وما نجم عنه من مقررات، وانتهاءً بإنشاء مركز اعتدال.
وتولي المملكة قضية الإرهاب اهتمامها الخاص لاعتبارين اثنين، أولا بدافع ريادتها دوليا في تثبيت أركان السلم العالمي، بصفتها إحدى أبرز القوى الدولية التي تؤسس للسلام في العالم، وثانيا لتنقية مفهوم الاعتدال الإسلامي وبراءته من الفكر المتطرف والإرهاب، بوصفها البلد الإسلامي الذي يقود أمته، ويمثل بالتالي الوجه الحقيقي للدين الإسلامي الذي يحارب الإرهاب، ويدعو إلى السلم، والأمن، ويؤمن بحوار الثقافات والحضارات، وقد جاء مؤتمر وزراء الدفاع في البلدان الإسلامية الذي انعقد مؤخرا في الرياض ليتوّج تلك الجهود المباركة التي هي محل تقدير كل المنصفين في العالم، خاصةً وأنه يحوّل العمل في محاربة الإرهاب من صيغة التعاون وتبادل الخبرات والمعلومات إلى الصيغة المؤسسية التي تمتلك كافة الأذرع اللازمة لضرب الإرهاب بشكل جماعي، واستهداف أدواته وحاضناته، وهي الخطوة العملية التي أراد من خلالها سمو ولي العهد -حفظه الله- أن تكون اليد الطولى التي تنظف ساحة الأمة الإسلامية من هذا الشر، كما تحمي سمعة ديننا الخالد من تهمة الإرهاب من خلال أولئك الذين يدّعون الانتساب إليه لتمرير جرائمهم باسمه، وهو منهم براء.