هذا الأسبوع وصلتني أربع شكاوى من داخل أسوار إداراتنا الحكومية، رجالية ونسائية:
الشكوى الأولى من موظف متألم من التهميش الذي يتعرض له في إدارته، رغم القدرات التي يملكها والطموح الذي يسعى إليه، فعمله محصور في توقيع الحضور والانصراف والجلوس حبيس الكرسي بينهما، وحتى يتم التأكد من التصاقه بالكرسي فعليه أن يكون بالقرب من الهاتف الثابت عندما تحمل أسلاكه صوت مدير/ مديرة المكتب.
والشكوى الثانية من موظفة تشتكي من قائدة مؤسستها التي تقود المؤسسة بضعف ومزاجية، مما جرأ كل متساهل ومتساهلة عليها، وأوقع المميزين تحت ضغوط لا قبل لهم بها، فلا توزيع للمهام، ولا أعمال يمكن التنبؤ بها، بل هي متفاوتة بين العدم والانفجار حسب مزاج سعادة المديرة.
والشكوى الثالثة من قائد لا هم له إلا رضا الجمهور حتى ولو كان ذلك على حساب المبادئ والقيم، مما يوقع المخلصين -في حال طاعتهم لتوجيهاته الكريمة- في صدام صارخ مع مبادئهم.
والشكوى الرابعة من معاناة مع قائد لا يمكن أن يتخذ قراراً، فهو قادر على أبرز ما يميزه، ولذلك أصبح مجرد تحويلة للقضايا التي تأتيه ذات اليمين والشمال.
أربع شكاوى من موظفين، القاسم المشترك بينها: القائد.
ولا أعتقد أن في ذلك مبالغة، فكما أن وراء كل نجاح قائدا، من حقه أن يُشكر ويقدّر، فإن وراء كل فشل قائدا، يجب أن يتحمل النقد والمساءلة.
من هذه الشكاوى وأخواتها تتضح الحاجة لوجود معايير واضحة ومعلنة لاختيار القيادات.
ومنها أيضاً يتضح أن القيادات بحاجة ماسة للتواصل الحقيقي مع موظفيهم، لا تواصل اجتماعات النقد فقط، التي يذهب فيها وقت الاجتماع مع النخبة فقط، بين حديث عن إنجازات المدير ومعاناته، وإلقاء اللوم على الموظفين.
ومنها أيضاً أن بعض القيادات بحاجة إلى مراجعة نفسه، والتخلص من القيادة التي لم يُخلق لها، ولم تُخلق له، وهذا لا يعيبه فلكل إنسان مجاله الذي يحسنه.
الواقع يقول: إن بعض القيادات يعرّون أنفسهم، ويتركون صفحة سوداء في تاريخهم، ليتهم سلموا منها.