ظلت المملكة وعلى امتداد الأزمة السورية تقف خلف الأشقاء هناك في سياق مسؤولياتها العربية والإسلامية، حيث تعمل مع كل قوى السلام العالمية لإنقاذ الشعب السوري من ويلات الحروب، بغية الوصول إلى حل سلمي يحفظ وحدة الأراضي السورية، ويضمن سيادة السوريين على بلادهم بعيدا عن هيمنة القوى التي تسللت إلى الداخل السوري وانتهزت فرصة الأزمة لتحقيق مآربها السياسية والعسكرية والأيديلوجية، ويعرف السوريون قبل غيرهم ماهية الدور السعودي الداعم للشعب بعيدا عن الأثمان أو المقايضات أو المساومات، على اعتبار أنه ينطلق من نفس عروبي وإسلامي وإنساني همه الوحيد تجنيب السوريين المزيد من الدمار، ومنع تفكك بلادهم، أو انتهاك سيادتها عبر تغول بعض القوى الإقليمية أو الدولية.
وهو ذات الدور الإنساني الذي دفع المملكة إلى احتضان ما يزيد على المليونين ونصف مليون مواطن سوري، يعيشون اليوم داخل المدن السعودية، دون أن يتم تصنيفهم كلاجئين، وإنما يعيشون بين إخوانهم وأشقائهم من المواطنين السعوديين، ويتمتعون بذات الخدمات، ويلحقون أبناءهم بالمدارس السعودية والجامعات دون منة أو تمييز، هذا عدا ما تقدمه المملكة من الدعم لمخيمات اللجوء في كل من الأردن ولبنان سواء على صعيد الخدمات الغذائية أو الطبية أو اللوجستية عموما، تأسيسا على واجباتها كبلد قائد على الصعيدين العربي والإسلامي.
وها هي اليوم تحتضن مجددا كافة قوى المعارضة، وتجسر المسافات فيما بينها لاستباق مؤتمر جنيف القادم للاتفاق على وفد موحد تجتمع عليه كلمتها في جسم واحد يحمل هم القضية السورية، ويلم شتاتها، ويوحد كلمتها، لتكون كتلة واحدة عوضا عن حال التشتت الذي أضعف موقفها، وأطال أمد الأزمة السورية، لا بل أتاح الفرصة لكل ذوي الأطماع من الدخول على خط الأزمة واستثمارها لمصالحهم الخاصة، وهو ما لم يفعله أي بلد آخر، لأن المملكة لا تنحاز إلى فصيل دون آخر، وإنما هي تنحاز للشعب السوري بمجمله، وتفتح أبوابها بالتالي لكل المعارضة السورية بمختلف أطيافها، وصولا إلى هذه التفاهمات التي جمعت كلمتها، ووحدت صفها. كل هذا يتم في عاصمة العرب التي تسعى لحماية الأمن القومي العربي، في الوقت الذي تتوزع فيه فصائل المعارضة هنا وهناك، كل في ضيافة من تتقاطع مصالحه معه، بخلاف المملكة التي لا مصلحة لها سوى في حرية سوريا، ووحدتها، وحماية سيادتها.