كنت أقف في أحد المحلات التجارية الكبرى، حين تقدمت فتاة سعودية منقبة، لتسألني إن كان يمكنها مساعدتي. شعرت حينها بفخر كبير بهذه الفتاة، التي لم تقبل أن تبقى عالة على نفسها ومجتمعها وأسرتها. وتذكرت سريعا مواقف الراحل الكبير الإنسان غازي القصيبي -يرحمه الله- والذي واجه ظلما كبيرا من بعض المتطرفين، لأنه فقط أراد أن يساهم بفتح باب رزق للنساء السعوديات.
آراء أولئك المتطرفين، صورت الرجل السعودي، بصورة الفاسد والوحش الذي ينتظر لحظة رؤية المرأة ليفترسها. كما صورت المرأة العاملة على أنها ضعيفة وفريسة سهلة. وقد انعكست تلك الصورة السلبية على سمعتنا في خارج المملكة.
مرت تلك الذكريات سريعا وأنا أقف أمام تلك الفتاة المثقفة والواعية، مترحما على الإنسان غازي القصيبي. الذي تمنيت لو أن الله أعطاه العمر ليرى بناتنا السعوديات وقد مارسن حياتهن بشكل طبيعي دون أن يتجاوز عليهن أحد.
قبل يومين، أعلنت وزارة العمل ومعها صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» عن إطلاقهما برنامجي نقل المرأة العاملة، ودعم ضيافات الأطفال، لتمكين عمل المرأة ورفع نسبة مشاركتها بسوق العمل؛ تماشيا مع أهداف برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030، وذلك لمساعدتها على تحقيق التوازن بين مسؤوليتها وواجباتها الأسرية مع طموحاتها الوظيفية، بعد أن كانا من أهم العوائق التي تواجهها. وذلك بالشراكة مع شركات توجيه المركبات من خلال التطبيقات الذكية المرخصة.
المشروع الآخر الذي تبنته الوزارة مع صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» هو مشروع «قرة» الذي يؤمن خدمة ضيافة الأطفال للمرأة العاملة. وهو أمر مهم، بسبب ارتفاع تكلفة تلك الخدمة، حيث سيساهم هذا المشروع بما نسبته 80% من التكلفة، وبحد أعلى لطفلين.
تحية لكل فتاة تركت الكسل والاتكالية وانضمت لقافلة العاملات، وتحية لوزارة العمل ولصندوق تنمية الموارد البشرية، على هذه الأفكار التي كانت من أهم الأسباب لعزوف المرأة عن العمل.
ولكم تحياتي.