يتمتع خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- بذاكرة موسوعية، سواءً ما يتصل بالذاكرة التاريخية أو حتى فيما يتصل بمعرفة الأنساب، والأسماء، والأماكن، واطرادا لهذا فيما يتصل كذلك بمتابعة أوامره الكريمة وتوجيهاته رغم تعدد مهامه، وتشعّب مسؤولياته، ولذلك فهو لا يكتفي بإصدار التوجيهات والأوامر، وإنما يظل يتابعها إلى أن تبلغ مداها، ويتم إنجازها، هذا ما يعرفه عنه الجميع فيما يخص طريقة وأسلوب عمله منذ أن كان أميرًا لمنطقة الرياض. والتعميم الأخير الذي أصدره -حفظه الله- للوزراء والمسؤولين في الدولة من ضرورة قيامهم بجولات متتابعة للمناطق، والوقوف على احتياجات المواطنين، وتفقد أحوالهم، والعمل على تسهيل كافة إجراءات الخدمات لهم، ومن ثم رفع التقارير بنتائج تلك الزيارات إلى مقامه الكريم، إنما هو امتداد طبيعي لطريقته الحازمة في إدارة شؤون الدولة، للحد من سلطة البيروقراطية، وإعاقتها لإدارة الخدمات.
وصيغة المتابعة هذه، هي جزء أصيل من برنامجه اليومي، وهذا ما جعل حجم الإنجاز في عهده -حفظه الله- يفوق بكثير الوعاء الزمني لتلك المشاريع التي تم اعتمادها؛ لأنه يظل على الدوام خلف تلك المشاريع، ويواكب مراحل تنفيذها أولًا بأول إلى أن تتم وتدخل حيّز الإنتاج، ولذلك فهو حينما يدفع المسؤولين للخروج من مكاتبهم إلى ميادين العمل في ترجمة لفلسفته في الإدارة التي تفضل الميدان على المكتب، والمعاينة المباشرة على التقارير ومحاضر الاجتماعات، فإنما يواصل ذات الأسلوب الذي عُرِف به، والذي جعله يحفظ مساكن الرياض بيتا بيتا، وشارعا شارعا، ورصيفا رصيفا، لأنه يدرك أن الميدان هو محور الإنجاز، مثلما يؤمن بأنه ليس الخبر كالمعاينة، وأنه ليس من رأى كمن سمع، ليؤسس نظريته في الإدارة الميدانية التي اكتسبتْ من حضورها إلى جانب حزمه في المتابعة قدرتها على تخطي العوائق، ومن ثم الإنجاز بأقل التكاليف الوقتية، وهذا ما رفع من أسهم هذا التوجيه الكريم في صفوف المواطنين في كافة المدن والمحافظات، والذين يعلقون على زيارات الوزراء والمسؤولين للمناطق، والتي أمر بها -يحفظه الله- الكثير من الآمال والتطلعات في سبيل المزيد من التواصل ما بين المواطن والمسؤول في كل ما من شأنه تعزيز فعاليات أدوات التنمية، وتطوير أدائها بما يواكب طموحات قيادتنا الرشيدة.