مازالت الاختناقات المرورية تشكل هاجسا لدى المواطن والمقيم لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية ونفسية، وعلى الرغم من الدور الذي يضطلع به المرور ومهمته في تسهيل الحركة المرورية في الشوارع خاصة في فترتي الصباح والظهيرة، ولأن حل المشكلة لا يقف عند حد معين سواء بانتشار الدوريات او اللافتات الارشادية، فان الحل يجب ان يأخذ ابعادا اخرى اكثر ايجابية وموضوعية تراعي الواقع الذي نعيشه والموارد المتوفرة حاليا، والتي تلبي متطلبات المستقبل وما يجب ان تكون عليه البلاد في المرحلة المقبلة، فلا يجوز ان نلقي باللوم على المرور والدوريات ونحملها المسؤولية كاملة عن هذه الاختناقات، وما تؤول اليه من حوادث مرورية أو سلوكيات غير حضارية، تاركين وراءنا أسبابا وعوامل أخرى جديرة بالاهتمام، اذ يجب النظر الى هذه المشكلة ومناقشة سبل حلولها في اطار عام من الموضوعية ويراعى فيها كافة الجوانب والمظاهر والسلوكيات التي ترتبط بها ارتباطا وثيقا.
فاذا تطرقنا الى جانب واحد من هذه الجوانب ألا وهي الطرق المستخدمة نجد أن المساحات الشاسعة المتوفرة حاليا سواء على الطرق نفسها أو في المناطق العديدة المتفرقة من البلاد كفيلة بتقليص حجم هذه المشكلة بنسبة كبيرة ومرضية، فمن الممكن استغلال هذه المساحات في اقامة الطرق الموازية للطرق السريعة، ولكن اذا قورنت بحجم المشكلة في المستقبل مع زيادة أعداد السكان وزيادة العمران نجد ان هناك واقعا يجب ألا نغفله، ان التكلفة بعد خمس سنوات او عشر سنوات قادمة سوف تكون الضعف او الضعفين، وعندها تكون المشكلة قد استفحلت، ولا مفر من التنفيذ وقتها.
الطرق الرئيسية المستخدمة تعاني ضيقها واحتياجها للصيانة المتكررة وانعدام التنسيق بين الجهات ذات العلاقة عند الحاجة لإغلاق الطرق للصيانة أو للتمديدات الكهربائية أو لتمديدات المياه والصرف الصحي، لذلك على الجهات المختصة من وزارة النقل والمرور وأمانات المدن المبادرة من الآن بإعداد الدراسات الجدية اللازمة قبل موسم الأمطار من اجل الخروج من هذه المشكلة بحلول جذرية تراعي أفق وتطلعات المستقبل دون البحث في الحلول المسكنة التي سرعان ما تتبدد مع الوقت دون فائدة مرجوة منها ثم يستعصي الحل مع تعاظم المشكلة في المستقبل!.