حديثي وكما يبدو من العنوان حول أمرين، مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وموضوع التلاحم، والالتفاف الشعبي حول القيادة، اي قيادة في العالم. كل هذه المعاني أتناولها من خلال الخطاب الاخير لأمير دولة قطر، الذي تحدث عن الازمة القطرية.
ولعل من المفيد القول إن أزمة قطر أصبح لها أكثر من منظور، فهناك قيادات سياسية خليجية وإعلامية، صنفت هذه الازمة بأنها كلما استمرت بدون حل يأتي من جانب قطر، فإنها تبقى أزمة من جملة ازمات المنطقة، وليس من المهم ان يكون هناك حل الا بمواصفات معينة. وهناك منظور يرى ان استمرار الازمة له انعكاسات خطيرة على بنية المنظومة السياسية، والامنية، والاقتصادية الخليجية، ويتطلع هذا الطرف الى حل سريع، بل يرى انه ضرورة ملحة لكي يمنع انسلاخ الدوحة، وان كان مؤقتا وطارئا من محيطها الطبيعي، والاخطر انحيازها للطرف المعادي في شكل دولة «ايران» وفي اشكال أخرى «حزب الله» و«الاخوان».
اعود للخطاب، وأقف امام فقرة موجعة لنا جميعا في منطقة الخليج العربي، وهي تلك الخاصة بإشادة قطر بدور الكويت في اخلاص الوساطة، وسبب الوجع الذي استشعرته في اكثر من مكان حول هذه الجزئية هو الدور العظيم، الذي لم يعط حقه للكويت واميرها الشيخ صباح. ممن يذكروننا دائما بأهمية هذا الدور «الاشقاء في قطر». الحرص على تقدم واستمرار منظومة مجلس التعاون، لن اعلق عليه بشيء، ولكن قد يثور التساؤل، هل من الافضل المحافظة على الأخشاب، التي بنينا منها مركبا نجوب به العالم، وندافع به الى حد ما عن انفسنا، ام نشعل تلك الأخشاب قرباناً لعلاقات محكومة بالخطر مع عدو لم يعد خافيا على احد؟.
هناك نقاط مهمة حول الوضع الاقتصادي، وقدرة التعافي المذهلة، التي أظهرها الاقتصاد والتجارة في قطر منذ انطلاق الازمة، وهذا شأن اهل الاقتصاد بكل تأكيد وسمعنا حوله الكثير منذ انطلاق الازمة، وما سمعناه من المختصين لا يتطابق مع مضمون الخطاب.
النقطة، التي اود ان اختم بها تمحورت حول موضوع التلاحم الشعبي، الذي تعزز بفضل الازمة بين الشعب، والقيادة. وحديث الامير حول «روح التحدي» و«بلورة الهوية الوطنية» وإبراز«الكفاءات». قد نفهم ان اللجوء لمثل هذه المعاني ربما جاء لخصوصية المكان، والمناسبة، حيث ان الخطاب بمناسبة انعقاد دور جديد لمجلس محلي، ولكن القراءة المتفحصة تعيدنا الى حقيقة وعود الناس بالبضاعة التي يقبلون عليها، ويطربون لها حتى ان كانت غير متوافرة في المخازن. الاخطر من ذلك الأسلوب، التطرق لهذه المعاني في وقت يشهد هجوما جديا على مقدرات المجتمع، وبنيته الصلبة «القبائل» و«العوائل» و«الاسر».
إن الضرر الذي يواجهه المجتمع الخليجي في بنيته الكبيرة يتجاوز قطر، إلى الدوائر الأعرض في المنطقة، ولعل التحركات السابقة لقيادات مجتمعية قبل أشهر، وتحركات تتبلور هذه الفترة كردود أفعال على سياسات قطرية محددة تنبئ بالكثير.